Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 19, Ayat: 84-84)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
تمنّى النبي صلى الله عليه وسلم لو أن الله أراحه من رؤوس الكفر وأعداء الدعوة ، فقال تعالى : { فَلاَ تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } [ مريم : 84 ] فالله يريد أنْ تطول أعمارهم ، وتسوء فعالهم ، وتكثر ذنوبهم ، فالكتبة يعدُّون عليهم ويُحْصُون ذنوبهم . ومعنى : { إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } [ مريم : 84 ] أنها مسألة ستنتهي لأن كل ما يُعَدّ ينتهي ، إنما الشيء الذي لا يُحصَى ولا يَعُدُّ فلا ينتهي ، كما في قول الحق سبحانه وتعالى : { وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا … } [ إبراهيم : 34 ] . لأن نِعَم الله لا تُحصَى ولا تُعَدُّ ولا تنتهي لذلك سُبِقَتْ بإن التي تفيد الشكِّ ، فهي مسألة لا يجرؤ أحد عليها لأن : { مَا عِندَكُمْ يَنفَدُ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ بَاقٍ } [ النحل : 96 ] . وها نحن نرى علم الإحصاء وما وصل إليه من تقدّم حتى أصبح له جامعات وعلماء متخصصون أدخلوا الإحصاء في كل شيء ، لكن لم يفكر أحد منهم أنْ يُحصِي نِعَم الله في كَوْنه ، لماذا ؟ لأن الإقبال على العَدِّ معناه ظن أنك تستطيع أنْ تنتهي ، وهم يعلمون تماماً أنهم مهما عَدُّوا ومهما أَحْصَوا فلن يصِلُّوا إلى نهاية . إذن : { نَعُدُّ لَهُمْ عَدّاً } [ مريم : 84 ] نُحصي سيئاتهم ونَعدُّ ذنوبهم قبل أن تنتهي أعمارهم ، وكلما طالت الأعمار كثرتْ الذنوب ، وكل ما ينتهي بالعدد ينتهي بالمُدد . ثم يقول الحق تبارك وتعالى : { يَوْمَ نَحْشُرُ ٱلْمُتَّقِينَ … } .