Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 151-151)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الله جل جلاله بعد أن حدثنا عن الهداية إلى منهجه وإلى طريقه . حدثنا عن نعمته علينا بإرسال رسول يتلو علينا آيات الله . ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي ستأتي على يديه قمة النعم وهو القرآن والدين الخاتم . قوله تعالى : { رَسُولاً مِّنْكُمْ } [ البقرة : 151 ] أي ليس من جنس آخر . ولكنه صلى الله عليه وسلم رسول منكم تعرفونه قبل أن يكلف بالرسالة وقبل أن يأتي بالحجة … لماذا ؟ لأنه معروف بالخلق العظيم وبالقول الكريم والأمانة وبكل ما يزيد الإنسان رفعة وعلواً واحتراماً … إن أول من آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولئك الذين يعرفونه أكثر من غيرهم … كأبي بكر الصديق وزجته صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة وابن عمه علي بن أبي طالب … هؤلاء آمنوا دون أن يطلبوا دليلاً لأنهم أخذوا الإيمان من معرفتهم برسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يكلف بالرسالة … فهم لم يعرفوا عنه كذباً قط فقالوا إن الذي لا يكذب على الناس لا يمكن أن يكذب على الله فآمنوا … فالله سبحانه وتعالى من رحمته أنه أرسل إليهم رسولاً منهم أمياً ليعلمه ربه … ولذلك قال الحق تبارك وتعالى : { لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } [ التوبة : 128 ] . الحق سبحانه يقول : { يَتْلُواْ عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ } [ البقرة : 151 ] … الآيات هي القرآن الكريم والتزكية هي التطهير ولابد أن يكون هناك دنس ليطهرهم منه … فيطهرهم من عبادة الأصنام ومن وأد البنات والخمر والميسر والربا … ومعنى التزكية أيضاً سلب الضار فكأنه جاءهم بالنفع وسلب منهم الضر . وقوله تعالى : { وَيُعَلِّمُكُمُ ٱلْكِتَابَ وَٱلْحِكْمَةَ … } [ البقرة : 151 ] … الكتاب على إطلاقه ينصرف إلى القرآن الكريم . والحكمة هي وضع الشيء في موضعه … والكتاب يعطيك التكليف ، إما أن يأمرك بشيء وإما أن ينهاك عن شيء . إذن فهي دائرة بين الفعل والترك … والحكمة أن تفعل الفعل الذي يحقق لك خيراً ويمنع عنك الشر . وهي مأخوذة من الحكمة أو الحديدة التي توضع في فم الجواد لتحكم حركته في السير والوقوف ، وتصبح كل حركة تؤدي الغرض منها والحكمة أيضاً هي أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقاً لقوله تعالى : { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ … } [ الأحزاب : 34 ] . وقوله سبحانه : { وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ } [ البقرة : 151 ] لأنكم أمة أمية . فإن بهرتكم الدنيا بحضارتها فستبهرونهم بالإشعاعات الإيمانية التي تجعلكم متفوقين عليهم … فكل ما يأتيكم من السماء هو فوق كل حضارات الأرض … لذلك يقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما عمر لولا الإسلام .