Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 157-157)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فلننظر إلى غاية الغايات التي يدربنا الله عليها لنحمل الدعوة ، ولنحمي منهج الحق ، ولنهدم دولة المبطلين ، هذه غاية لكنها ليست الغاية النهائية ، فالغاية النهائية أننا نفعل ذلك لنأخذ رحمات الله وبركاته في الآخرة . إذن ، فالغاية النهائية في كل إيمان وفي كل عمل هي ابتغاء مرضاة الله ورحمته . وكما قال المرحوم الشيخ سيد قطب رحمة الله عليه : إياك أن يشغلك عن صلوات الله وتحياته وبركاته شيء ولو انتصار العقيدة نفسه . كأن انتصار العقيدة وسيلة لتنال بها الصلوات والرحمة من ربك ، فكل شيء ما عدا ذلك وسيلة تسلم إلى غاية ، وغاية المؤمن أن يكون من الذين يشملهم قول الله : { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُون } [ البقرة : 157 ] . ونحن نعرف أن الصلاة في اللغة هي الدعاء ، للناس صلاة ، وللملائكة صلاة ، ولله صلاة ، فهو القائل : { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ … } [ الأحزاب : 43 ] . وكلنا نعيش برحمات الله ، حتى الكافر يعيش على الأرض برحمة الله ، ويأخذ أسباب حياته برحمة الله ، والنعم والخيرات التي يعيش عليها تأتيه بسبب رحمة الله ، والمؤمن يأخذ نعم الدنيا برحمة الله ويزيد الله له بالبركة والاطمئنان ، والاطمئنان نعمة كبرى ، فمن يعيش في هذه الحياة وهو مطمئن إلى غاية أفضل من هذه الحياة ، فهذا لون عظيم من الاطمئنان . فالصلاة من الله عطاء الرحمة والبركة . والصلاة من الملائكة استغفار . والصلاة من المؤمنين دعاء . والدعاء حين تدعوه لمحمد صلى الله عليه وسلم بالخير وبالرحمة وبالبركة هو دعاء لك ، لماذا ؟ لأن كل منزلة ينالها رسول الله عائدة لأمته وللعالم أجمع . فمن الذي يشفع عند الله في يوم الحشر ليعجل الله بالفصل بين الخلائق ؟ . إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذن ، فكل خير يناله رسول الله صلى الله عليه وسلم هو خير لأمته ، فإذا دعوت له فكأنك تدعو لنفسك . إنك عندما تصلي عليه مرة يصلي الله عليك عشراً . أليس في ذلك خير لك ؟ { أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُهْتَدُون } [ البقرة : 157 ] . والمهتدون هم الذين التزموا الطريق الموصل للغاية ، والغاية هي صلوات من ربهم ورحمة ، وأنت الآن متمتع بنعم الله بأسباب الله ، وعند الله في الآخرة سوف تتمتع بإذن الله بنعم الله وبلقاء الله . بعد ذلك يقول الحق : { إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ … } .