Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 163-163)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وتلك هي قضية الحق الأساسية ، و { وَإِلَـٰهُكُمْ } [ البقرة : 163 ] يعني أن المعبود إله واحد ، فالواقع أن الإله الحق موجود قبل أن يوجد الكفر . و { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ البقرة : 163 ] هذه قضية ثانية ، لأن غفلة الناس هي التي جعلت بعضا من نفوس الناس تلتفت إلى آلهة أخرى . وقوله الحق أنه سبحانه : { إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } [ البقرة : 163 ] أي ليس له ثان ، والفارق بين " واحد " و " أحد " هو أن " واحد " تعني ليس له ثان ، و " أحد " يعني ليس مركباً ولا مكوناً من أجزاء ، ولذلك فالله لا يمكن أن نصفه بأنه " كُلّ " أو " كُلّي " لأن " كل " يقابلها " جزء " و " كلي " يقابلها " جزئي " ، و " كل " هو أن يجتمع من أجزاء . والله متفرد بالوحدانية ، وسبحانه المنزه عن كل شيء وله المثل الأعلى ، وأضرب هذا المثل للتقريب لا للتشبيه ، إن الكرسي " كل " مكون من خشب ومسامير وغراء وطلاء ، فهل يمكن أن نطلق على الخشب أنه " كرسي " أو على المسامير أو على الغراء أو على الطلاء ؟ . لا ، إذن كل جزء لا يطلق على " الكل " ، بل الكل ينشأ من اجتماع الأجزاء . و " الكلي " يُطلق على أشياء كثيرة لكن كل شيء منها يحقق الكلي ، فكلمة " إنسان " نقول عنها " كلي " جزئياتها محمد وزيد وبكر وعمر وخالد ، فنقول : زيد إنسان ، وهو قول صحيح ، ونقول عمر إنسان وذلك قول صحيح . والله سبحانه وتعالى لا هو " كلي " لأنه واحد ، ولا هو " كل " لأنه أحد . إن القضية الأساسية في الدين هي { وَإِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ البقرة : 163 ] والقرآن لا ينفي ويقول : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ } [ البقرة : 163 ] إلا حين توجد غفلة تعطي الألوهية لغير الله ، أو تعطي الألوهية لله ولشركاء معه ، إن القرآن ينفي ذلك ويقول : { لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلرَّحْمَـٰنُ ٱلرَّحِيمُ } وليس هناك شيء غير الله إلا نعمة منه سبحانه أو مُنَعم عليه . إن ما دون الله إما نعمة وإما مُنْعَم عليه بالنعمة ، وهذه كلها نفح الرحمن ، ونفح الرحيم . وما دام كل شيء ما عدا الله إما نعمة وإما منعم عليه فلا توصف النعمة بأنها إله ، ولا يقال في المنعم عليه : إنه إله ، لأن المُنعم عليه معناه أن غيره أفاض عليه نعمه ، لأن النعمة موهوبة ، والمُنعَم عليه موهوب إليه ، فإذا كانت هبة أو موهوبة إليه فلا يصح أن تكون إلهاً ، لكن الذين يُفتنون إنما يُفتنون في الأسباب ، والحق سبحانه وتعالى هو المسبب لكل الأسباب . وبعد ذلك يلفتنا الحق سبحانه إلى خدمة هذه القضية فيدعونا أن ننظر في الكون ونتأمل في النعمة الموجودة لنا ، وبعد ذلك فأنت يا مَنْ أنعم الله عليه بهذه النعمة إن وجدت أحداً يدعيها لنفسه فأعطها واتركها له وانسب النعم إلى موجدها وهو الله ، وإياك أن تشرك في نعمة الله أحداً غيره ، لأن الله يقول : في الحديث القدسي : " أنا أغنى الشركاء عن الشرك فمَنْ عمل عملاً أشرك فيه غيري تركته وشركه " . ويلفتنا الحق إلى الكون فيقول : { إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيْلِ وَٱلنَّهَارِ … } .