Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 172-172)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

وهذا خطاب من الله للذين آمنوا بأن يأكلوا من الطيبات ، وقد سبق في الآية 168 خطاب مماثل في الموضوع نفسه ولكن للناس جميعاً وهو قوله تعالى : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي ٱلأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً } [ البقرة : 168 ] . وقلنا : إن الحق سبحانه وتعالى ساعة يخاطب الناس جميعاً ، فهو يلفتهم إلى قضية الإيمان ، ولكن حين يخاطب المؤمنين فهو يعطيهم أحكام الإيمان ، فالله لا يكلف بحكم إلا مَنْ آمن به ، أما من لم يؤمن به ، فلا يكلفه بأي حكم ، لأن الإيمان التزام . وما دمت قد التزمت بأنه إله حكيم فخذ منه أحكام دينك . وعدل الله اقتضى ألا يكلف إلا مَنْ يؤمن ، وهذا على خلاف مألوف البشر ، لأن تكليفات القادة من البشر للبشر تكون لمن يرضى بقيادتهم ومَنْ لم يرض ، وإذا كان للقائد من البشر قوة ، فإنه يستخدمها لإرغام من يوجدون تحت ولايته على تنفيذ ما يقول . وخطاب الله للمؤمنين هنا جاء بقوله : { كُلُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ } [ البقرة : 172 ] ، ذلك أن المؤمن يتقين تماماً بأن الله هو الخالق وهو الذي يرزق . ويذيل الآية الكريمة بقوله : { وَٱشْكُرُواْ للَّهِ إِن كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ } [ البقرة : 172 ] ، فشكر العبد المؤمن للرب الخالق واجب ، ما دام العبد المؤمن يختص الله بالعبادة . ويقول الحق بعد ذلك : { إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ ٱلْمَيْتَةَ وَٱلدَّمَ وَلَحْمَ ٱلْخِنزِيرِ وَمَآ أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ ٱللَّهِ … } .