Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 263-263)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ما معنى { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } [ البقرة : 263 ] ؟ إننا في العادة نجد أن المعروف مقابل للمنكر ، كأن الأمر الخَيِّر أمر متعارف عليه بالسجية ، وكأن المتعارف عليه دائماً من جنس الجمال ومن جنس الخير ، أما الأمر الذي تنكره النفس فمن جنس الشر وجنس القبح . ولذلك يقول الحق : { قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ } [ البقرة : 263 ] فكأن من شأن الجمال ومن شأن الحسن أن يكون معروفاً ، ومن شأن النقيض أن يكون منكراً ، إذن فالقول المعروف هو أن ترد السائل الرد الجميل بحيث لا تمتلئ نفسه بالحفيظة عليك ، وبحيث لا توبخه لأنّه سألك ، وإذا كان السائل قد تجهم عليك تجهم المحتاج فاغفر له ذلك ، لماذا ؟ لأن هناك إنساناً تلهب ظهره سياط الحاجة ، ويراك أهلاً لغنى أو ليسار أو جِدة وسعة من المال ، وقد يزيد بالقول واللسان قليلاً عليك ، وربما تجاوز أدب الحديث معك ، فعليك أن تتحمله . وإذا كنت أنت أيها العبد تصنع المعاصي التي تغضب الله ، ويحلم الحق عليك ويغفرها لك ولا يعذبك بها ، فإذا ما صنع إنسان معك شيئاً فكن أيضاً صاحب قول معروف ومغفرة وحلم إن الحق سبحانه يقول لنا : { أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ } [ النور : 22 ] ؟ إننا جميعاً نحب أن يغفر الله لنا ، ولذلك يجب أن نغفر لغيرنا وخصوصاً للمحتاج . والحق حين يقول : { وَٱللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ } [ البقرة : 263 ] ففي ذلك تنبيه للقادر الذي حرم الفقير ، وكأنه يقول له : إنما حرمت نفسك أيها القادر من أجر الله . إنك أيها القادر حين تحرم فقيراً ، فأنت المحروم لأن الله غني عنك ، وهو سبحانه يقول : { هَا أَنتُمْ هَـٰؤُلاَءِ تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَٱللَّهُ ٱلْغَنِيُّ وَأَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُوۤاْ أَمْثَالَكُم } [ محمد : 38 ] . إن الله غني بقدرته المطلقة ، غني وقادر أن يستبدل بالقوم البخلاء قوماً يسخون بما أفاء الله عليهم من رزق في سبيل الله . فالذي يمسك عن العطاء إنما منع عن نفسه باب رحمة . ولذلك يقول الحق : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُبْطِلُواْ صَدَقَاتِكُم بِٱلْمَنِّ وَٱلأَذَىٰ … } .