Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 264-264)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
فالذي يتصدق ويتبع صدقته بالمن والأذى ، إنما يُبطل صدقته ، وخسارته تكون خسارتين : الخسارة الأولى أنه أنقص ماله بالفعل لأن الله لن يعوض عليه لأنه أتبع الصدقة بما يبطلها من المَنّ والأذى ، والخسارة الأخرى هي الحرمان من الثواب فالذي ينفق ليقول الناس عنه إنه ينفق ، عليه أن يعرف أن الحق يوضح لنا : إنه يعطي الأجر على قاعدة أن الذي يدفع الأجر هو من عملت له العمل . إن الإنسان على محدودية قدرته يعطي الأجر لمن عمل له عملاً ، والذي يعمل من أجل أن يقول الناس إنه عمل ، فليأخذ أجره من القدرة المحدودة للبشر ، ولذلك قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذي يفعل الحسنة أو الصدقة ليقال عنه أنه فعل ، فإنه يأتي يوم القيامة ولا يجد أجراً له . وقد جاء في الحديث الشريف : " ورجل آتاه الله من أنواع المال فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها ؟ قال : ما تركت من شيء تجب أن أنفق فيه إلاّ أنفقت فيه لك ، قال : كذبت إنما أردت أن يقال : فلان جواد فقد قيل ، فأمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار " . إياك إذن أن تقول : أنا أنفقت ولم يوسع الله رزقي لأن الله قد يبتليك ويمتحنك ، فلا تفعل الصدقة من أجل توسيع الرزق ، فعطاء الله للمؤمن ليس في الدنيا فقط ، ولكن الله قد يريد ألا يعطيك في الفانية وأبقى لك العطاء في الباقية وهي الآخرة . وهو خير وأبقى . والحق يقول : { وَلاَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ } [ البقرة : 264 ] والصفوان هو الحجر الأملس ، ويُسمى المروة والذي نسميه بالعامية " الزلطة " . ويقال للأصلع " صفوان " ، أي رأسه أملس كالمروة . والشيء الأملس هو الذي لا مسام له يمكن أن تدركها العين المدركة ، إنما يدرك الإنسان هذه المسام بوضع الحجر تحت المجهر . وعندما يكون الشيء ناعماً قد يأتي عليه تراب ، ثم يأتي المطر فينزل على التراب وينزلق التراب من على الشيء الأملس ، ولو كان بالحجر بعض من الخشونة ، لبقى شيء من التراب بين النتوءات ، فالذي ينفق ماله رئاء الناس ، كالصفوان يتراكم عليه التراب ، وينزل المطر على التراب فيزيله كلّه فيصير الأمر : { لاَّ يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِّمَّا كَسَبُواْ } [ البقرة : 264 ] أي فقدوا القدرة على امتلاك أي شيء لأن الله جعل ما لهم من عمل هباء منثوراً . وهؤلاء كالحجر الصفوان الذي عليه تراب فنزل عليه وابل … أي مطر شديد فتركه صلداً … تلك هي صفات من قصدوا بالإنفاق رئاء الناس ، فيبطل الله جزاءهم لأن الله لا يوفقهم إلى الخير والثواب . ويأتي الله بالمقابل ، وهم الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضاة الله فيقول : { وَمَثَلُ ٱلَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ٱبْتِغَآءَ مَرْضَاتِ ٱللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِّنْ أَنْفُسِهِمْ … } .