Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 270-270)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وقد عرفنا النفقة من قبل ، فما هي مسألة النذر ؟ . إن النذر هو أن تُلزم نفسك بشيء من جنس ما شرع الله فوق ما أوجب الله . فإذا نذرت أن تصلي لله كل ليلة عدداً من الركعات فهذا نذر من جنس ما شرع الله لأن الله قد شرع الصلاة وفرضها خمسة فروض ، فإن نذرت فوق ما فرضه الله فهذا هو النذر . ويقال في الذي ينذر شيئاً من جنس ما شرع الله فوق ما فرضه الله : إن هذا دليل على أن العبادة قد حَلَتَ له ، فأحبها وعشقها ، ودليل على أنه قارب أن يعرف قدر ربه وأن ربه يستحق منه فوق ما افترضه عليه ، فكأن الله في افتراضه كان رحيماً بنا ، لأنه لو فُرض ما يستحقه منا لما استطاع واحد أن يفي بحق الله . إذن فعندما تنذر أيها العبد المؤمن نذراً ، فإنك تُلزم نفسك بشيء من جنس ما شرع الله لك فوق ما فرض الله عليك . وأنت مخير أن تقبل على نذر ما ، أو لا تقبل . لكن إن نطقت بنذر فقد لزم . لماذا ؟ لأنك ألزمت نفسك به . ولذلك فمن التعقل ألا يورط الإنسان نفسه ويسرف في النذر ، لأنه في ساعة الأداء قد لا يقدر عليه . وأهل القرب من الله يقولون لمن يخل بالنذر بعد أن نذر : هل جربت ربك فلم تجده أهلاً لاستمرار الود . وليس فينا من يجرؤ على ذلك لأن الله أهل لعميق الود . ولهذا فمن الأفضل أن يتريث الإنسان قبل أن ينذر شيئاً . ونقف الآن عند تذييل الآية : { وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } [ البقرة : 270 ] . إن الظالمين هم من ظلموا أنفسهم لأن الحق عرفنا أن ظلم الإنسان إنما يكون لنفسه ، وقال لنا : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئاً وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } [ يونس : 44 ] . ومن أشد الظلم للنفس الإنفاق رياءً ، أو الإنفاق في المعاصي ، أو عدم الوفاء بالنذر ، فليس لمن يفعل ذلك أعوان يدفعون عنه عذاب الله في الآخرة . ويقول الحق من بعد ذلك : { إِن تُبْدُواْ ٱلصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا ٱلْفُقَرَآءَ … } .