Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 2, Ayat: 278-278)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وحين يقول الحق : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 278 ] فنحن نعرف أن النداء بالإيمان حيثية كل تكليف بعده ، وساعة ينادي الحق ويقول : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 278 ] أي يا من آمنتم بي إلهاً قادراً حكيماً ، عزيزاً عنكم غالباً على أمري ، لا تضرني معصيتكم ، ولا تنفعني طاعتكم ، فإذا كنتم قد آمنتم بي وأنا إله قادر حكيم فاسمعوا مني ما أحبه لكم من الأحكام . إذن فكل { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ } [ البقرة : 278 ] في القرآن هي حيثية كل حكم يأتي بعدها ، وأنت تفعل ما يأمرك به الله ، وإن سألك أحد : وقال لك : لماذا فعلت هذا الأمر ؟ فقل له فعلته لأني مؤمن ، والذي أمرني به هو الذي آمنت بحكمته وقدرته . وأنت لا تدخل في متاهة علل الأحكام ، لأنك آمنت بأن الله إله حكيم قادر ، أنزل لك تلك التكاليف ، وإياك أن تدخل في متاهة علّة الأحكام ، لماذا ؟ لأن هناك أشياء قد تغيب علّتها عنك ، أكنت تؤجلها إلى أن تعرف العلة ؟ . أكنا نؤجل تحريم لحم الخنزير إلى أن يثبت حالياً بالتحليل أنه ضار ؟ لا ، إذا كان قد ثبت حالياً بالتحليل أنه ضار فنحن نزداد ثقة في كل حكم كلفنا الله به ، ولم نهتد إلى علته ، والحق يقول : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ البقرة : 278 ] ومن عجائب كلمة " اتقوا " أنها تأتي في أشياء يبدو أنها متناقضة ، إنما هي ملتقية { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ } [ البقرة : 278 ] ولم يقل هنا : اتقوا النار كما قال في آية أخرى : " اتقوا النار " . إذن فكيف يقول : " اتقوا الله " ويقول : " اتقوا النار " ؟ لأن معنى " اتقوا " : أي اجعلوا وقاية بينكم وبين ربكم . كيف نجعل وقاية بيننا وبين ربنا مع أن المطلوب منا إيمانياً أن نلتحم بمنهج الله لنكون دائماً في معية الله ؟ نقول : الله سبحانه وتعالى له صفات جلال كالقهار ، والمنتقم ، والجبار ، وذي الطول وشديد العقاب فهو يطلب من عبده المؤمن أن يجعل بينه وبين صفات جلاله وقاية ، فالنار جند من جنود صفات الجلال ، وحين يقول سبحانه : " اتقوا الله " يعني : اجعلوا وقاية بينكم وبين صفات الجلال التي من جنودها النار . إذن فـ " اتقوا الله " مثل " اتقوا النار " أي اجعلوا وقاية بينكم وبين النار . ويتابع الحق : { وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة : 278 ] ، و " ذروا " أي اتركوا ، ودعوا ، وتناسوا ، واطلبوا الخير من الله فيما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين حقاً بالله . كأن الله أراد أن يجعلها تصفية فاصلة ، يولد من بعدها المؤمن طاهراً نقياً . إنه أمر من الحق : دعوا الربا الذي لم تقبضوه لأن الذي قبضتموه أمره " فله ما سلف " والذي لم تقبضوه اتركوه : { ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ ٱلرِّبَا إِن كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ } [ البقرة : 278 ] فإن قلتم إن التعاقد قد صدر قبل التحريم ، والتعاقد قد أوجب لك الحق في ذلك ، تذكر أنك لم تقبض هذا الحق ليصير في يدك ، ولا تقل إن حياتي الاقتصادية مترتبة عليه ، فترتيب الحياة الاقتصادية لم ينشأ بالاتفاق على هذا الربا ، ولكنه ينشأ بقبضه وأنت لم تقبضه . ويتابع الحق : { فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ … } .