Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 43-43)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

إقامة الصلاة معروفة . وهي تبدأ بالتكبير وتختم بالتسليم . بشرائطها من عناصر القيام والركوع والسجود . ولكن الحق يقول { وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } [ البقرة : 43 ] إما أنه يريد منهم أن ينضموا إلى موكب الإيمان الجامع لأن صلاتهم لم يكن فيها ركوع . إذن فهو يريدهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم . ولا يظنوا أن إيمانهم بموسى عليه السلام يعفيهم من أن يكونوا خاضعين لما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم . ويقولون ديننا كافينا . إنما جاء الإسلام لمَنْ لا دين له وهم الكفار والمشركون … فيقول لهم : { وَٱرْكَعُواْ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ } [ البقرة : 43 ] . إن الحق سبحانه وتعالى يريد أن يلفتهم إلى أن صلاتهم لن تقبل منهم إلا أن يكون فيها ركوع ، وصلاة اليهود ليس فيها ركوع … وإن كان فيها سجود ، وفي كلتا الحالتين فإن الحق سبحانه وتعالى يلفتهم إلى ضرورة الإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم . الحق سبحانه وتعالى حينما قال : { وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً } [ البقرة : 41 ] يريد أن يلفتهم إلى أن العكس هو المطلوب وأنهم كان يجب أن يشتروا الإيمان ويختاروا الصفقة الرابحة . ولن يحدث ذلك إلا إذا آمنوا بالرسول الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم … فهذا هو الطريق الوحيد لرضا الله سبحانه وتعالى . الله سبحانه وتعالى يريد أن يهدم تكبرهم على الدين الجديد فأمرهم بالصلاة كما يصلي المسلمون ، وبالزكاة كما يزكي المسلمون . فلا يعتقدون أن إيمانهم بموسى والتوراة سيُقْبَل منهم بعد أن جاء الرسول الجديد الذي أُمِروا أن يؤمنوا به ، بل إن إيمانهم بموسى والتوراة - لو كانوا مؤمنين بهما حقاً - يستوجب هذا الإيمان عليهم أن يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم لأن التوراة تأمرهم بذلك . فكأن عدم إيمانهم بمحمد صلى الله عليه وسلم كفر بالتوراة ونقض لتعاليمها . والصلاة كما قلنا … استحضار العبد وقفته بين يدي ربه ، وحينما يقف العبد بين يدي الله … لابد أن يزول كل ما في نفسه من كبرياء ، ويدخل بدلاً منه الخشوع والخضوع والذلة لله ، والمتكبر غافل عن رؤية ربه الذي يقف أمامه . إنما عدم إيمانهم بهذا النبي ، والوقوف بين يدي الله للصلاة كما يجب أن تُؤَدَّى ، وكما فرضها الله تعالى من فوق سبع سماوات . إنما هو رفض للخضوع لأوامر الله . وبعد ذلك تأتي الزكاة . لأن العبد المؤمن لابد أن يوجه حركة حياته إلى عمل نافع يتسع له ولمَنْ لا يقدر على الحركة في الحياة . والله سبحانه وتعالى حينما يطالبنا بالسعي في الأرض لا يطالبنا أن يكون ذلك على قدر احتياجاتنا فقط ، بل يطالبنا أن يكون تحركنا أكثر من حاجة حياتنا حتى يتسع هذا التحرك ليشمل حياة غير القادر على حركة الحياة . فيتسع المجتمع للجميع ، ويزول منه الحقد والحسد ، وتصفى النفوس .