Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 2, Ayat: 84-84)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلنا ساعة تسمع " إذْ " فاعلم أن معناها اذكر … وقلنا إن الميثاق هو العهد الموثق … وقوله تعالى : { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } [ البقرة : 84 ] … والله تبارك وتعالى ذكر قبل ذلك في الميثاق عبادة الله وحده … وبالوالدين إحساناً وذي القربى واليتامى والمساكين … وقولوا للناس حسناً وأقيموا الصلاة إلى آخر ما جاء في الآية الكريمة … وكلها أوامر أي وكلها افعل … استكمالاً للميثاق … يقول الله في هذه الآية الكريمة ما لا تفعل … فالعبادة كما قلنا هي إطاعة الأوامر والامتناع عن النواهي … أو ما نهى عنه الميثاق : { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } [ البقرة : 84 ] ومعناها لا يسفك كل واحد منكم دم أخيه … لا يسفك بعضكم دم بعض . ولكن لماذا قال الله : " دماءكم " ؟ لأنه بعد ذلك يقول : { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } [ البقرة : 84 ] … الحكم الإيماني يخاطب الجماعة الإيمانية على أنها وحدة واحدة … لذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : " مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى " فكأن المجتمع الإيماني وحدة واحدة … والله سبحانه وتعالى يقول : { فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُواْ عَلَىٰ أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً … } [ النور : 61 ] . ولكن إذا كنت أنا الداخل فكيف أسلم على نفسي ؟ كأن الله يخاطب المؤمنين على أساس أنهم وحدة واحدة … وعلى هذا الأساس يقول سبحانه : { لاَ تَسْفِكُونَ دِمَآءَكُمْ } [ البقرة : 84 ] … أي لا تقتلوا أنفسكم … السفك معناه حب إراقة الدم … " ودماءكم " هو السائل الموجود في الجسم اللازم للحياة … وقوله تعالى : { وَلاَ تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِّن دِيَارِكُمْ } [ البقرة : 84 ] يعني لا يخرج بعضكم بعضاً من ديارهم … ثم ربط المؤمنين من بني إسرائيل بقوله تعالى : { ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [ البقرة : 84 ] … أقررتم أي اعترفتم : { وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ } [ البقرة : 84 ] الشهادة هي الإخبار بمشاهد … والقاضي يسأل الشهود لأنهم رأوا الحادث فيروون ما شاهدوا … وأنت حين تروي ما شاهدت … فكأن الذين سمعوا أصبح ما وقع مشهوداً وواقعاً لديهم … وشاهد الزور يغير المواقع . الحق سبحانه وتعالى يخاطب اليهود المعاصرين لرسول الله صلى الله عليه وسلم … ويذكرهم بما كان من آبائهم الأولين … وموقفهم من أخذ الميثاق حين رفع فوقهم جبل الطور وهي مسألة معروفة … والقرآن يريد أن يقول لهم إنكم غيرتم وبدلتم فيما تعرفون … فالذي جاء على هواكم طبقتموه … والذي لم يأت على هواكم لم تطبقوه .