Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 20, Ayat: 111-111)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الوجه أشرف وأكرم شيء في تكوين الإنسان ، وهو الذي يُعطِي الشخص سِمَته المميزة لذلك يحميه الإنسان ويحفظه ، ألاَ ترى لو أصاب وجهك غُبَار أو تراب أو طين مثلاً تمسحه بيدك ، لم تزِدْ على أنك جعلْتَ ما في وجهك في يدك لماذا ؟ لأنه أشرف شيء فيك . لذلك ، كان السجود لله تعالى في الصلاة علامة الخضوع والخشوع والذلَّة والانكسار له عز وجل ، ورضيتَ أن تضع أشرف جزءٍ فيك على الأرض وتباشر به التراب ، والإنسان لا يعنُو بوجهه إلا لمَنْ يعتقد اعتقاداً جازماً بأنه يستحقُّ هذا السجود ، وأن السجود له وحده يحميه من السجود لغيره ، كما قال الشاعر : @ والسُّجُودُ الذِي تَجْتَوِيِه مِن أُلُوفِ السُّجُودِ فيهِ نَجَاةُ @@ فاسْجُدْ لواحد يكْفك السجود لسواه ، واعمل لوجه واحد يكْفك كل الأوْجُه . وقوله : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [ طه : 111 ] حمل : يعني أخذه عبئاً ثقيلاً عليه . والظلم في أصله أنْ تأخذَ خيراً ليس لك لتنتفع به وتزيد ما عندك ، فأنت في الظاهر تزداد كما تظن ، إنما الحقيقة أنك تُحمِّل نفسك وِزْراً وحملاً ثقيلاً ، سوف تنوء به ، وازددْتَ إثماً لا خيراً . والظلم مراتب ودرجات ، أدناها أنْ تأخذ ما ليس لك وإن كان حقيراً لا قيمة له ، أو تظلم غيرك بأنْ تتناوله في عِرْضه ، ثم ترقى الظلم إلى أنْ تصلَ به إلى القمة ، وهو الشرك بالله ، كما قال سبحانه : { إِنَّ ٱلشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } [ لقمان : 13 ] . وهو عظيم لأنك أخذتَ حقّاً لله تعالى ، وأعطيته لغيره . إذن : فحاول أن تَسْلَم من هذه الآفة لأن الله قال فيها : { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ … } [ النساء : 48 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { وَمَن يَعْمَلْ مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ … } .