Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 112-112)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الصالحات : هي الأعمال التي تعود بالخير عليك أو على غيرك ، وأضعفُ الإيمان في عمل الصالح أن تترك الصالح في ذاته على صلاحه فلا تفسده ، كأن تجد بئراً يشرب منه الناس فلا تطمسه ولا تلوثه . فإنْ رقيت العمل الصالح فيمكنك أن تزيد من صلاحه ، فتبنى حوله جداراً يحميه أو تجعل له غطاءً … إلخ . ومن رحمة الله بنا أنه سبحانه حينما حثَّنا على العمل الصالح قال : { مِنَ ٱلصَّالِحَاتِ … } [ طه : 112 ] ومن هنا للتبعيض ، فيكفي أنْ تفعل بعض الصالحات لأن طاقة الإنسان لا تسع كل الصالحات ولا تقوى عليها ، فحسْبُك أن تأخذ منها طرفاً ، وآخر يأخذ طرفاً ، فإذا ما تجمعتْ كل هذه الأطراف من العمل الصالح من الخلق كوَّنَتْ لنا الصلاح الكامل . كما سبق أن ذكرنا أن ليس بوسع أحد منا أن يجمع الكمال المحمدي في أخلاقه ، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول : " الخير فيَّ - حقاً - وفي أمتي إلى يوم القيامة " . ففي كل فرد من أفراد الأمة خصلة من خصال الخير ، بحيث إذا تجمعت خصال الكمال في الخلق أعطتنا الكمال المحمدي . وقوله : { وَهُوَ مُؤْمِنٌ … } [ طه : 112 ] لأن الإيمان شرط في قبول العمل الصالح ، فإنْ جاء العمل الصالح من غير المؤمن أخذ أجره في الدنيا ذِكْراً وشُهْرة وتخليداً لذكراه ، فقد عمل ليقال وقد قيل ، وانتهتْ المسألة . ثم يقول تعالى : { فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } [ طه : 112 ] والظلم هنا غير الظلم في قوله تعالى : { وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً } [ طه : 111 ] فالظلم هنا من الإنسان لنفسه أو لغيره ، إنما { فَلاَ يَخَافُ ظُلْماً وَلاَ هَضْماً } [ طه : 112 ] أي : ظُلْماً يقع عليه ، بألاَّ يأخذ حقه على عمله ، بمعنى أننا لا نعاقبه على سيئة لم يعملها ، ولا نضيع عليه ثواب حسنة عملها لأن الحق سبحانه لا يظلم الناس مثقال ذرة . { وَلاَ هَضْماً } [ طه : 112 ] الهَضْم يعني النقصان ، فلا ننقصه أجره وثوابه ، ومنه هضم الطعام ، فكمية الطعام التي نأكلها تُهضَم ثم تُمتصّ ، وتتحول إلى سائل دموي ، فتأخذ حَيِّزاً أقل ، ومنه نقول : فلان مهضوم الحق . يعني : كان له حق فلم يأخذه . لكن ، ما فائدة عطف هَضْماً على ظُلْماً فنَفْي الظلم نَفْي للهضم ؟ نقول : لأنه مرة يُبطل الثواب نهائياً ، ومرة يُقلِّل الجزاء على الثواب . ثم يقول الحق سبحانه : { وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً … } .