Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 20, Ayat: 74-74)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله : { مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً … } [ طه : 74 ] يعني مُجرِّماً عمل الجريمة ، والجريمة أنْ تكسر قانوناً من قوانين الحق - عز وجل - كما يفعل البشر في قوانينهم ، فيضعون عقوبة لمَنْ يخرج عن هذه القوانين ، لكن ينبغي أن تُعيِّن هذه الجريمة وتُعلَن على الناس ، فإذا ما وقع أحد في الجريمة فقد أعذر من أنذر . إذن : لا يمكن أن تعاقب إلا بجريمة ، ولا توجد جريمة إلا بنص . وقوله : { يَأْتِ } أي : هو الذي سيأتي رغم إجرامه ، ورغم ما ينتظره من العذاب . لكن لماذا خاطبوه بلفظ الإجرام ؟ لأنه قال : { فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِّنْ خِلاَفٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ ٱلنَّخْلِ … } [ طه : 71 ] ولم يفعلوا أكثر من أنْ قالوا كلمة الحق ، فأيُّنا إذنْ المجرم ؟ وقوله تعالى : { فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [ طه : 74 ] لأن الموت سَيُريحهم من العذاب لذلك يتمنَّوْنَ الموت ، كما جاء في قوله تعالى : { وَنَادَوْاْ يٰمَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ … } [ الزخرف : 77 ] فيأتي رده { إِنَّكُمْ مَّاكِثُونَ } [ الزخرف : 77 ] . وفَرْقٌ بين عذاب وموت ، فالموت إنهاء للحياة ، وليس بعد الموت إيلام ، أمَّا العذاب فلا ينشأ إلا مع الحياة لأنه إيلام حَيٍّ . لذلك ، فالحق - تبارك وتعالى - لما عرض لهذه المسألة في قصة سليمان عليه السلام والهدهد وأن سليمان قال : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَذْبَحَنَّهُ … } [ النمل : 21 ] فالعذاب شيء ، والذبح شيء آخر لأنه إنهاء للحياة الحاسة . ومعنى : { لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ } [ طه : 74 ] أن هناك مرحلة وحلقة بين الموت والحياة ، حيث لا يموت فيستريح ، ولا يحيى حياةً سالمة من العذاب ، فبقاؤهم في جهنم في هذه المرحلة ، التي لا هي موت ولا هي حياة .