Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 21, Ayat: 46-46)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
الآن فقط تنبهتم ووَعَيْتُم ؟ الآن بعد أن مسَّكم العذاب ؟ ومعنى : { مَّسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِّنْ عَذَابِ رَبِّكَ … } [ الأنبياء : 46 ] أي : مساً ولمساً خفيفاً ، والنفحة : هي الريح اللينة التي تحمل إليك آثارَ الأشياء دون حقيقتها ، كأن تحمل لك الريحُ رائحة الورود مثلاً ، هي لا تحمل لك الورود نفسها ، إنما رائحتها ، وتظل الورود كما هي . كذلك هذه المسَّة من العذاب ، إنها مجرد رائحة عذاب ، كما نقول لفح النار الذي نشعر به ، ونحن بعيدون عنها . والنفحة : اسم مرَّة أي : تدل على حدوثها مرة واحدة ، كما تقول : جلس جَلسة أي : مرة واحدة ، وهذا أيضاً دليل على التقليل . فمسَّتْهُمْ تقليل و نَفْحَة تقليل ، وكونها مرة واحدة تقليل آخر ، ومع ذلك يضِجُّون ويجأرون ، فما بالك إنْ نزل بهم العذاب على حقيقته ، وهو عذاب أبديّ ؟ ! وقوله تعالى : { لَيَقُولُنَّ يٰويْلَنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء : 46 ] الآن ينطقون ، الآن يقولون كلمة الحق التي طالما كتموها ، الآن ظهرتْ حساسية الإدراك لديهم ، فمن أقلِّ القليل ومن رائحة العذاب يجأرون ، وأين كان هذا الإدراك ، وهذه الحساسية من قبل ؟ إذن : المسألة - كما قلنا - ليست طبيعة تكوين ، إنما توجيه إدراكات . وقولهم : { يٰويْلَنَآ … } [ الأنبياء : 46 ] إحساس بما هم مُقبلون عليه ، وهذا القول صادر عن مواجيد في النفس وفي الذِّهْن قبل أن ينطق بالكلمة ، ثم يُقرُّون على أنفسهم ويعترفون : { إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } [ الأنبياء : 46 ] .