Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 21, Ayat: 69-69)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

جاء هذا الأمر من الحق الأعلى سبحانه ليخرق بالمعجزة نواميس الكون السائدة ، ولا يخرق الناموسَ إلا خالقُ الناموس ، كما قلنا في قصة موسى عليه السلام : الماء قانونه السيولة والاستطراق ، ولا يسلبه هذه الخاصية إلا خالقه لذلك فَرَقه لموسى فُرْقاناً - كما قلنا - كلُّ فِرْق كالطَّوْد العظيم ، فلا يُعطّل قانون الأشياء إلا خالقها لأن الأشياء لم تُخلق لتكون لها القدرة على قيُّومية نفسها ، بل مخلوقة تُؤدِّي مهمة ، والذي خلقها للمهمة هو القادر أنْ يسلبَها خواصّها . وفَرْق بين فِعْل العبد وفِعْل الحق سبحانه : فلو أنَّ في يدك مسدساً ، وأنت تُحسِن التصويب ، وأمامك الهدف ، ثم أطلقتَ تجاه الهدف رصاصة ، أَلَكَ تحكُّمٌ فيها بعد ذلك ؟ أيمكن أنْ تأمرها أن تميلَ يميناً أو شمالاً ؟ لكن الحق سبحانه يتحكّم فيها ، ويُسيِّرها كيف يشاء ، فالحق سبحانه خلق النار وخلق فيها خاصية الإحراق ، وهو وحده القادر على سَلْب هذه الخاصية منها ، فتكون ناراً بلا إحراق ، فليس للنار قيومية بذاتها . لذلك يقول البعض : بمجرد نْ صدر الأمر : { يٰنَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَٰماً … } [ الأنبياء : 69 ] انطفأت كل نار في الدنيا ، فلما قال : { عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ } [ الأنبياء : 69 ] أصبح الأمر خاصاً بنار إبراهيم دون غيرها ، فاشتعلت نيران الدنيا عدا هذه النار . ونلحظ أن الحق سبحانه قيَّد بَرْداً بسلام لأن البرد المطلق يؤذي . ثم يقول الحق سبحانه : { وَأَرَادُواْ بِهِ كَيْداً … } .