Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 39-39)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
ودفاع الحق سبحانه عن الحق يأخذ صوراً متعددة ، فأوَّل هذا الدفاع : أنْ أَذِن لهم في أنْ يقاتلوا . ثانياً : أمرهم بإعداد القوة للقتال : { وَأَعِدُّواْ لَهُمْ مَّا ٱسْتَطَعْتُمْ مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ ٱلْخَيْلِ … } [ الأنفال : 60 ] . والمراد أنْ يأخذوا بكل أسباب النصر على عدوهم ، وأن يستنفدوا كل ما لديهم من وسائل ، فإنِ استنفدتم وسائلكم ، أتدخَّل أنا بجنود من عندي لا ترونها ، فليس معنى أن الله يدافع عن الذين آمنوا أن تدخُلَ السماء لحمايتهم وهم جالسون في بيوتهم ، لا إنما يأخذون بأسباب القوة ويسعَوْنَ ويبادرون هم أولاً إلى أسباب النصر . ومعنى { أُذِنَ … } [ الحج : 39 ] أنهم كانوا ينتظرون الأمر بالقتال ، ويستشرفون للنصر على الأعداء ، لكن لم يُؤذَن لهم في ذلك ، فلما أراد الله لهم أنْ يقاتلوا أَذن لهم فيه ، فقال تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُواْ وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [ الحج : 39 ] . وعِلّة القتال أنهم ظُلِموا ، لذلك أمرهم ربهم - تبارك وتعالى - أنْ يقاتلوا ، لكن لا يعتدوا ، كما قال سبحانه : { وَقَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱلَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ * وَٱقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُم وَأَخْرِجُوهُمْ مِّنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ … } [ البقرة : 190 - 191 ] . إذن : أمرهم أولاً بالصبر ، وفي المرحلة الأولى بأنْ يقاتلوا لِردِّ العدوان ، وللدفاع عن أنفسِهم دون أنْ يعتدوا ، وفي المرحلة الثانية سيقول لهم : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } [ التوبة : 123 ] . وقوله تعالى : { وَإِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } [ الحج : 39 ] بأسباب يُمكِّنهم منها ، أو بغير أسباب فتأتيهم قوة خفية لا يروْنها ، وقد رأوا نماذج من ذلك فعلاً . ثم يقول الحق سبحانه : { ٱلَّذِينَ أُخْرِجُواْ مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلاَّ أَن يَقُولُواْ رَبُّنَا ٱللَّهُ … } .