Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 22, Ayat: 59-59)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لأن الرزق قد يكون حسناً لكنه لا يُرضِي صاحبه ، أما رزق الله لهؤلاء فقد بلغ رضاهم ، والرضا : هو اقتناع النفس بشيء تجد فيه متعة ، بحيث لا تستشرف إلى أعلى منه ، ولا تبغي أكثر من ذلك . لذلك بعد أنْ ينعَم أهل الجنة بنعيمها ، مِمَّا لا عَيْنٌ رأتْ ، ولا أذن سمعتْ ، ولا خطر على قلب بشر ، بعدها يتجلَّى الحق - سبحانه - عليهم فيقول لعباده المؤمنين : يا عبادي أرضيتم ؟ فيقولون : وكيف لا نرضى وقد أعطيْتنا ما لم تُعْطِ أحداً من العالمين ؟ قال : ألا أعطيكم أفضل من هذا ؟ قالوا : وهل شيء أفضل مما نحن فيه ؟ قال : نعم ، أُحِلُّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً . ومن ذلك قوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ } [ الضحى : 5 ] . وقوله تعالى : { يٰأَيَّتُهَا ٱلنَّفْسُ ٱلْمُطْمَئِنَّةُ * ٱرْجِعِي إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً } [ الفجر : 27 - 28 ] . يبالغ في الرضا ، حيث يتعداك الرضا إلى أن تكون عيشتك نفسها راضية ، وكأنها تعشقك هي ، وترضى بك . ثم يقول سبحانه : { وَإِنَّ ٱللَّهَ لَعَلِيمٌ حَلِيمٌ } [ الحج : 59 ] . عليم : بما يستحقه كل إنسان عند الحساب من النعيم ، ثم يزيد مَنْ يشاء من فضله ، فليس حساب ربك في الآخرة كحسابكم في الدنيا ، إنما حسابُه تعالى بالفضل لا بالعدل . وحليم : يحلم على العبد إنْ أساء ، ويتجاوز للصالحين عن الهَفَوات ، فإنْ خالط عملك الصالح سوء ، وإنْ خالفت منهج الله في غفلة أو هفوة ، فلا تجعل هذا يعكر صفو علاقتك بربك أو يُنغِّص عليك طمأنينة حياتك لأن ربك حليم سيتجاوز عن مثل هذا على حَدِّ قولهم حبيبك يبلع لك الزلط . لذلك " لما وَشَى أحد المؤمنين للكفار في فتح مكة ، وهَمَّ عمر أن يقتله فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : لعل الله قد اطلع على أهل بدر فقال : افعلوا ما شئتم فقد غفرتُ لكم " . ويكفي أنهم خرجوا بأنفسهم واقتحموا معركة غير متكافئة في العدد والعُدَّة ، ألا نذكر لهم هذا الموقف ؟ ألم يقل الحق سبحانه : { إِنَّ ٱلْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ ٱلسَّـيِّئَاتِ … } [ هود : 114 ] ومَنِ ابتُلِي بشيء يضعف أمامه ، فليكن قوياً فيما يقدر عليه ، وإنْ غلبك الشيطان في باب من أبواب الشر فشمِّر له أنت في أبواب الخير ، فإن هذا يُعوِّض ذاك . ثم يقول الحق سبحانه : { ذٰلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنصُرَنَّهُ … } .