Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 22, Ayat: 61-61)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ ذٰلِكَ … } [ الحج : 61 ] يعني ما قُلْته لك سابقاً له دليل ، فما هو ؟ أن الله يأخذ من القوي ويعطي للضعيف ، ويأخذ من الطويل ويعطي للقصير ، فالمسألة ليست ثابتة أو ميكانيكا وإنما خلقها الله بقدر . والليل والنهار هما ظرفا الأحداث التي تفعلونها ، والحق سبحانه { يُولِجُ ٱللَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱللَّيْلِ … } [ الحج : 61 ] . يولج الليل يعني : يُدخِل الليل على النهار ، فيأخذ منه جزءاً جزءاً فيُطوِّل الليل ويُقصِّر النهار ، ثم يُدخِل النهار على الليل فيأخذ منه جزءاً جزءاً ، فيُطوِّل النهار ويُقصِّر الليل لذلك نراهما لا يتساويان ، فمرة يطول الليل في الشتاء مثلاً ، ويقصر النهار ، ومرة يطول النهار في الصيف ، ويقصر الليل . فزيادة أحدهما ونَقْص الآخر أمر مستمر ، وأغيار متداولة بينهما . وإذا كانت الأغيار في ظرف الأحداث ، فلا بُدَّ أن تتغير الأحداث نفسها بالتالي ، فعندما يتسع الظرف يتسع كذلك الخير فيه ، فمثلاً عندنا في المكاييل : الكَيْلة والقدح والوَيْبة وعندنا الأردب ، وكل منهما يسَعُ من المحتوى على قدر سعته . وهكذا كما نزيد أن ننقص في ظرف الأحداث نزيد وننقص في الأحداث نفسها . ثم تُذيَّل الآية بقوله سبحانه : { وَأَنَّ ٱللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ } [ الحج : 61 ] سميعٌ لما يقال ، بصيرٌ بما يفعل ، فالقول يقابله الفعل ، وكلاهما عمل ، والبعض يظن أن العمل شيء والقول شيء آخر ، لا لأن العمل وظيفة الجارحة ، فكل جارحة تؤدي مهمتها فهي تعمل ، عمل العَيْن أن ترى ، وعمل الأذن أنْ تسمع ، وعمل اليد أن تلمس ، وعمل الأنف أن يشُم ، وكذلك عمل اللسان القول ، فالقول للسان وحده ، والعمل لباقي الجوارح وكلاهما عمل ، فدائماً نضع القول مقابل الفعل ، كما في قوله تعالى : { لِمَ تَقُولُونَ مَا لاَ تَفْعَلُونَ } [ الصف : 2 ] . والسمع والبصر هما الجارحتان الرئيسيتان في الإنسان ، وهما عمدة الحواس كلها ، حيث تعملان باستمرار على خلاف الشَّم مثلاً ، أو التذوق الذي لا يعمل إلا عدة مرات في اليوم كله .