Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 17-17)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نلحظ أن للعدد سبعة مواقف في هذه السورة وأسراراً يجب أن نتأملها ، ففي استهلال السورة ذكر سبحانه سبعة أصناف : { قَدْ أَفْلَحَ ٱلْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِينَ هُمْ … } [ المؤمنون : 1 - 2 ] . وفي مراحل خَلْق الإنسان نجده مَرَّ بسبعة أطوار : سلالة من طين ، ثم نطفة ، ثم علقة ، ثم مضغة ، ثم عظاماً ، ثم لحماً ، ثم أنشأناه خَلْقاً آخر . وهنا يقول : { وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَآئِقَ … } [ المؤمنون : 17 ] . وفي موضع آخر قال : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ ٱلأَرْضِ مِثْلَهُنَّ … } [ الطلاق : 12 ] . فهذه سبعة للغاية ، وسبعة للمغيَّا له ، وهو الإنسان ، وسبعة للسماوات والأرض المخلوقة للإنسان . وطرائق : جمع طريقة أي : مطروقة للملائكة ، والشيء المطروق ما له حجم يتسع بالطَّرْق ، كما تطرق قطعة من الحديد مثلاً ، فانظر إلى السماء واتساعها . وقُلْ : سبحان مَنْ طرقها . وتلحظ أن الحق سبحانه لم يذكر هنا الأرض ، لماذا ؟ قالوا : لأن الأرض نقف عليها ثابتين لا نخاف من شيء ، إنما الخوف من السماء أنْ تندكّ فوقنا لذلك يقول سبحانه بعدها : { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [ المؤمنون : 17 ] فلن نغفل عن السماء من فوقكم ، وسوف نُمسكها بأيدينا ، كما قال سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ يُمْسِكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضَ أَن تَزُولاَ وَلَئِن زَالَتَآ إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِّن بَعْدِهِ … } [ فاطر : 41 ] . ثم يعطينا الحق - تبارك وتعالى - الدليل الحسيّ على هذه الآية ، وكيف أن الله تعالى رفع السماء فوقنا بلا عَمَد ، ومثال ذلك الطير يُمسكه الله في السماء : { أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى ٱلطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلاَّ ٱلرَّحْمَـٰنُ … } [ الملك : 19 ] . نعلم أن الطير يطير في السماء بحركة الجناحين التي تدفع الهواء وتقاوم الجاذبية فلا يسقط ، كالسباح الذي يدفع بذراعيه الماء ليسبح ، فإذا ما قبض الطائر جناحيه ومع ذلك يظل مُعلّقاً في السماء لا يسقط فمَنْ يُمسِكه في هذه الحالة ؟ هذه صورة تشاهدونها لا يشكّ فيها أحد ، فإذا قلت لكم أني أمسك السماء أن تقع على الأرض فصدّقوا وآمنوا ، واستدلوا على الغيب بالمشاهد . وكأن الحق سبحانه في قوله : { وَمَا كُنَّا عَنِ ٱلْخَلْقِ غَافِلِينَ } [ المؤمنون : 17 ] يقول : اطمئنوا إلى السماء من فوقكم ، فقد جعلتُ لها التأمينات اللازمة التي تُؤمِّن معيشتكم تحت سقفها ، اطمئنوا لأنها بأيدينا وفي رعايتنا . لكن ، ما المراد بقوله { عَنِ ٱلْخَلْقِ … } [ المؤمنون : 17 ] أهو الإنسان أم خَلْق السماء ؟ المراد : ما كُنَّا غافلين عن خَلْق السماء ، فبنيناها على ترتيبات ونظم تحميكم وتضمن سلامتكم . والغفلة : تَرْك شيء لأنه غاب عن البال ، وهذه مسألة لا تكون أبداً في حق الله - عز وجل - لأنه لا تأخذه سِنَة ولا نوم . ثم يقول الحق سبحانه : { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي ٱلأَرْضِ … } .