Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 58-59)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نلحظ في هذه الآيات أن الحق سبحانه حدثنا عن الإشفاق والخشية ، ثم عن الإيمان بآيات الله ، ثم في النهاية عن مسألة الشرك . وقد تسأل : لماذا لم يبدأ بالتحذير من الشرك ؟ نقول : لأن الشرك المراد هنا الشرك الخفي الذي يقع فيه حتى المؤمن ، والذي قال الله فيه : { وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِٱللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُّشْرِكُونَ } [ يوسف : 106 ] فلا تظن أن الشرك فقط أن تجعل لله شريكاً ، أو أن تسجد لصنم ، فمن الشرك شرك خفي دقيق يتسرب إلى القلب ويخالط العمل مهما كان صاحبه مؤمناً . لذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم يُعلِّمنا الأدب في هذه المسألة ، فيقول في دعائه : " اللهم إني أستغفرك من كل عمل أردتُ به وجهك فخالطني فيه ما ليس لك " . فالإنسان يشرع في العمل ويخلص فيه النية لله ، ومع ذلك يتسرب إليه شيء من الرياء وتزيين الشيطان لذلك وصف النبي صلى الله عليه وسلم الشرك الخفي بأنه أخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء . كما أن الشرك الأكبر لا يتصور مِمَّن هذه الصفات المتقدمة صفاته . ثم يقول الحق سبحانه : { وَٱلَّذِينَ يُؤْتُونَ مَآ آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ … } .