Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 23, Ayat: 61-61)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
{ أُوْلَـٰئِكَ … } [ المؤمنون : 61 ] أي : أصحاب الصفات المتقدمة { يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ … } [ المؤمنون : 61 ] وفرْق بين أسرع وسارع : أسرع يُسرع يعني : بذاته ، إنما سارع يسارع أي : يرى غيره يسرع ، فيحاول أنْ يتفوق عليه ، ففيه مبالغة وحافز على المنافسة . وسبق أنْ أوضحنا الفرق بين سارع إلى وسارع في ، فمعنى { يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ … } [ المؤمنون : 61 ] أنهم كانوا في حيِّز الخيرات ومظروفين فيه ، لكن يحاولون الارتقاء والازدياد من الخيرات للوصول إلى مرتبة أعلى . وقوله تعالى : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [ المؤمنون : 61 ] هل المسارعة هي عِلَّة أنهم سبقوا إلى الخيرات ، أم أنْ سَبْقهم إلى الخيرات عِلّة المسارعة ؟ في اللغة يقولون : سبب ومُسبب ، وشرط وجزاء ، وعلة ومعلول . فحين تقول : إنْ تذاكر تنجح ، فالمذاكرة سبب في النجاح ، لكن هل سبقت المذاكرةُ النجاح ؟ لا ، بل وُجد النجاح أولاً في بالك ، واستحضرت مميزاته وكيف ستكون منزلتك في المجتمع وبين الناس ، وبذلك وجد عندك دافع وخاطر ، ثم أردت أنْ تحققه واقعاً ، فذاكرت للوصول إلى هذا الهدف . إذن : فكل شرط وجواب : الجواب سبب في الشرط ، والشرط سبب في الجواب ، الجواب سبب في الشرط دافعاً له ، والشرط سبب في الجواب واقعاً وتنفيذاً ، فالنجاح وُجد دافعاً على المذاكرة ، والمذاكرة جاءت واقعاً ليتحقق النجاح . وكذلك في { أُوْلَـٰئِكَ يُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [ المؤمنون : 61 ] فالمعنى : القصد أنْ يسبق فسارع ، سارع في الواقع ليسبق بالفعل ، لكن السبْق قبل المسارعة لأن الذهن متهيىء له أولاً وحقائقه واضحة . إذن : الشرط والجزاء ، والسبب والمسبب ، والعلة والمعلول تدور بين دافع هو الجواب ، وواقع هو الشرط . ومعنى : { وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ } [ المؤمنون : 61 ] يعني : هم أهل لهذا العمل وقادرون عليه ، كما لو طلبتُ منك شيئاً فتقول لي : هذا شيء صعب فأقول لك : وأنت لها . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِٱلْحَقِّ … } .