Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 23, Ayat: 75-75)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

يعني : لو حدث هذا لعادوا إلى ما كانوا عليه ، كما قال سبحانه في موضع آخر : { وَإِذَا مَسَّ ٱلإِنسَانَ ٱلضُّرُّ دَعَانَا لِجَنبِهِ أَوْ قَاعِداً أَوْ قَآئِماً فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَن لَّمْ يَدْعُنَآ إِلَىٰ ضُرٍّ مَّسَّهُ … } [ يونس : 12 ] . وليْتَه اكتفى عند هذا الحدِّ ، إنما يتعدّى هذا ، كما جاء في قوله تعالى : { وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَاداً … } [ الزمر : 8 ] يقول كما قال قارون : { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِي … } [ القصص : 78 ] يعني : هذا بمجهودي وتعبي ، وقد كلمت فلاناً ، وفعلت كذا وكذا . لذلك كان طبيعياً أن يقول له ربه : ما دُمْتَ قد أوتيتَهُ على علم عندك ، فاحفظه بعلم عندك قال تعالى : { فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ ٱلأَرْضَ … } [ القصص : 81 ] . فأين الآن عِلْمك ؟ وأيُّ علم هذا الذي لا يستطيع أن يحتفظ بما أتى به ؟ ومعلوم أن استنباط الشيء أصعب من حفْظه وصيانته . ومعنى { لَّلَجُّواْ … } [ المؤمنون : 75 ] تمادوا { فِي طُغْيَانِهِمْ … } [ المؤمنون : 75 ] والطغيان : مجاوزة الحدِّ لأن الله تعالى جعل لكل شيء في الوجود حَدَّاً مرسوماً لا ينقص ولا يزيد ، فإنِ اتبعتَ هذا الحدّ الذي رسمه الله لك استقمتَ واستقامتْ حركة حياتك بلا منازع ، ولو طغى الشيء أفسد حركة الحياة ، حتى لو كان الماء الذي جعل الله منه كل شيء حيٍّ ، لو طغى يُغرق ويُدمّر بعد أنْ كان سر الحياة حال اعتداله . ومنه قوله سبحانه : { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } [ الحاقة : 11 ] . ويقال لمن جاوز الحدَّ : طاغية بتاء التأنيث الدالة على المبالغة ، فإنْ تجاوز هذه أيضاً نقول : طاغوت . ثم تأتي نتيجة التمادي في الطغيان { يَعْمَهُونَ } [ المؤمنون : 75 ] يعني : يتحيرون ويَعْمَوْن عن الرُّشْد والصواب ، فلا يُميّزون بين خير وشر . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِٱلْعَذَابِ فَمَا ٱسْتَكَانُواْ لِرَبِّهِمْ … } .