Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

أي : في هذا اليوم يجزيهم الله أحسن ما عملوا ، ما شاء الله على رحمة الله ! ! لكن كيف بأسوأ ما عملوا ؟ هذه دَعُوها لرحمة الله ولمغفرته { وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ … } [ النور : 38 ] لأن الله تعالى لا يعاملنا في الحسنات بالعدل ، ولا يجازينا عليها بالقسطاس المستقيم وعلى قَدْر ما نستحق ، إنما يزيدنا من فضله . لذلك ورد في الدعاء : اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل ، وبالإحسان لا بالميزان . فليس لنا نجاة إلا بهذا ، كما يقول سبحانه : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ } [ يونس : 58 ] . { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ } [ النور : 38 ] والرزق : كُلُّ ما يُنتفع به ، وكل معنى فيه فوقية لك هو رزق ، فالصحة رزق ، والعلم رزق ، والحلم رزق ، والشجاعة رزق … الخ . والبعض يظن أن الرزق يعني المال ، وهذا خطأ لأن الرزق مجموعُ أمورٍ كثيرة ، فإنْ كان رزُقك علماً فعلِّم الجاهل ، وإنْ كان رزقك قوةً فأعِن الضعيف ، وإنْ كان رزقك حِلْماً فاصبر على السَّفيه ، وإن كان رزقك صنعة تجيدها ، فاصنع لآخرقَ لا يجيد شيئاً . وإذن : هذا كله رزق ، وما دام ربك - عز وجل - يرزقك بغير حساب ، ويفيض عليك من فضله فأعْطِ المحتاجين ، وارزق أنت أيضاً المعدمين ، واعلم أنك مُنَاول عن الله ، والرزق في الأصل من الله وقد تكفّل لعباده به ، وما أنت إلا يد الله الممدودة بالعطاء ، واعلم أنك ما دُمْتَ واسطة في العطاء ، فأنت تعطي من خزائن لا تنفد ، فلا تضنّ ولا تبخل ، فما عندكم ينفد وما عند الله بَاقٍ . والحساب : أنْ تحسب ثمرة الأفعال : هذه تعطي كذا ، وهذا ينتج كذا ، يعني ميزانية ودراسة جدوى ، أمّا عطاء الله فيأتيك دون هذه الحسابات ، فأنت تحسب لأن وراءك مَنْ سيحاسبك ، أمّا ربك عز وجل فلا يحاسبه أحد لذلك يعطيك بلا عمل ودون أسباب ، ويعطيك بلا مُقدِّمات ، ويعطيك وأنت لا تستحق ، أَلاَ ترى مَنْ تتعثر قدمه فيجد تحتها كنزاً ؟ ثم يقول الحق سبحانه : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ … } .