Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 24, Ayat: 4-4)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

الرمي : قذف شيء بشيء ، والمحصنات : جمع مُحْصنة من الإحصان ، وهو الحفظ ، ومنه قولنا : فلان عنده حصانة برلمانية مثلاً . يعني : تكفّل القانون بحفظه لذلك إنْ أرادوا محاسبته أو مقاضاته يرفعون عنه الحصانة أولاً ، ومنه أيضاً كلمة الحصن وهو الشيء المنيع الذي يحمي مَنْ بداخله . يقول تعالى : { وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِّن بَأْسِكُمْ … } [ الأنبياء : 80 ] يعني : الدروع التي تحمي الإنسان وتحفظه في الحرب . والمحصنات : تُطلَق على المتزوجة ، لأنها حصَّنَتْ نفسها بالزواج أن تميل إلى الفاحشة ، وتطلق أيضاً على الحرة ، لأنهم في الماضي كانت الإماء هُنَّ اللائي يدعين لمسألة البغاء ، إنما لا تقدم عليها الحرائر أبداً . لذلك فإن السيدة هنداً التي نُسيِّدها الآن بعد إسلامها ، وهي التي لاكتْ كبد سيدنا حمزة في غزوة أحد ، لكن لا عليها الآن لأن الإسلام يجُبُّ ما قبله . لما سمعت السيدة هند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى النساء عن الزنا قالت : أو تزني حُرَّة ؟ لأن الزنا انتشر قبل الإسلام بين البغايا من الإماء ، حتى كانت لهن رايات يرفعْنها على بيوتهن ليُعرفْنَ بها . والمعنى : يرمون المحصنات بما ينافي الإحصان ، والمراد الزنا { ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَآءَ فَٱجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً … } [ النور : 4 ] وهذا يُسمَّى حدَّ القذف ، أن ترمي حُرّة بالزنا وتتهمها بها ، ففي هذه الحالة عليك أنْ تأتي بأربعة شهداء يشهدون على ما رميْتها به ، فإن لم تفعل يُقام عليك أنت حَدُّ القذف ثمانين جلدة ، ثم لا ينتهي الأمر عند الجَلْد ، إنما لا تُقبل منك شهادة بعد ذلك أبداً . { وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً … } [ النور : 4 ] لماذا ؟ لأنه لم يَعُدْ أهلاً لها لأنه فاسق { وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ } [ النور : 4 ] والفاسق لا شهادةَ له ، وهكذا جمع الشارع الحكيم على القاذف حَدَّ الجلْد ، ثم أسقط اعتباره من المجتمع بسقوط شهادته ، ثم وصفه بعد ذلك بالفسق ، فهو في مجتمعه ساقط الاعتبار ساقط الكرامة . هذا كله ليزجر كل مَنْ تسوِّل له نفسه الخوْضَ في أعراض الحرائر واتهام النساء الطاهرات لذلك عبَّر عن القَذْف بالرمي لأنه غالباً ما يكون عن عجلة وعدم بينة ، فالحق - تبارك وتعالى - يريد أن يحفظ مجتمع الإيمان من أن تشيع فيه الفاحشة ، أو مجرد ذكرها والحديث عنها . ثم يقول الحق سبحانه : { إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ وَأَصْلَحُواْ … } .