Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 27, Ayat: 20-20)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

مادة : فقد الفاء والقاف والدال ، وكل ما يُشتقّ منها تأتي بمعنى ضاع منه الشيء ، ومنه قوله تعالى في قصة إخوة يوسف : { قَالُواْ وَأَقْبَلُواْ عَلَيْهِمْ مَّاذَا تَفْقِدُونَ } [ يوسف : 71 ] ، فإنْ جاءت بصيغة تفقَّد بالتضعيف دلَّتْ على أن الشيء موجود وأنا أبحث عنه في مظانّه . فمعنى { وَتَفَقَّدَ ٱلطَّيْرَ … } [ النمل : 20 ] أن الرئيس أو المهيمن على شيء لا بُدَّ له من متابعته ، وسليمان - عليه السلام - ساعةَ جلس في مجلس العلم أو مجلس القضاء نظر للحاضرين من مملكته ، كأنه القائد يستعرض جنوده ، وفي هذا إشارة إلى أنه - عليه السلام - مع أن هذا ملكه ومُسخَّر له ومُنقَاد لأمره ، إلا أنه لم يتركه هَمَلاً دون متابعة . لكن ، لماذا تفقَّد الطير بالذات ؟ قالوا : لأنه أراد أنْ يقوم برحلة في الصحراء ، والهدهد هو الخبير بهذه المسألة لأنه يعلم مجاهلها ، ويرى حتى الماء في باطن الأرض ، يقولون : كما يرى أحدكم الزيت في وعائه . لذلك نرى أن من مميزات الهدهد أن الله تعالى جعل له منقاراً طويلاً لأنه لا يأكل مما على سطح الأرض ، إنما ينبش بمنقاره ليُخرج طعامه من تحت الأرض . ألاَ تراه حين كلَّم سليمان في دقائق العقيدة والإيمان بالله يقول عن أهل سبأ : { أَلاَّ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْءَ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } [ النمل : 25 ] فاختار هذه المسألة بالذات لأنه الخبير بها ورزقه منها . ولما لم يجد الهدهد في الحاضرين قال { فَقَالَ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } [ النمل : 20 ] فساعةَ يستفهم الإنسان عن شيء يعلم حقيقته ، فإنه لا يقصد الاستفهام ، إنما هو يستبعد أنْ يتخلَّف الهدهد عن مجلسه . لذلك قال { مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ … } [ النمل : 20 ] يعني : ربما هو موجود ، لكنِّي لا أراه لعلّة عندي أنا ، فلما دَقّق النظر وتأكد من خُلوِّ مكانه بين الطيور ، قال { أَمْ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ } [ النمل : 20 ] إذن : لابد من معاقبته : { لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ … } .