Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 40-40)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
كأن الحق سبحانه لم يُمهلهم إلى أن يعودوا إليه يوم القيامة ، إنما عاجلهم بالعذاب في الدنيا قبل عذاب الآخرة { فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ … } [ القصص : 40 ] أي : جميعاً في قبضة واحدة ، التابع والمتبوع { فَنَبَذْنَاهُمْ فِي ٱلْيَمِّ … } [ القصص : 40 ] ألقينا بهم في البحر ، وهذا الأخذ الذي يشمل الجميع في قبضة واحدة يدلُّ على قدرة الآخذ ، وهذه مسألة لا يقدر عليها إلا الله القوي العزيز . كما قال سبحانه : { وَكَذٰلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ ٱلْقُرَىٰ وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ } [ هود : 102 ] . ولم يُوصَف أخْذ الإنسان بالقوة إلا في قوله تعالى يحثُّنا على أنْ نأخذ مناهج الخير بقوة : { خُذُواْ مَآ ءَاتَيْنَٰكُم بِقُوَّةٍ … } [ البقرة : 93 ] . ثم يقول سبحانه : { فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلظَّالِمِينَ } [ القصص : 40 ] أي : نهايتهم وقد جاءت عجيبة من عجائب الزمن وآية من آيات الله ، فالبحر والماء جُنْد من جنود الله ، تنصر الحق وتهزم الباطل ، وقد ذكرنا كيف أنجى الله موسى - عليه السلام - وأهلك فرعون بالشيء الواحد حين أمر الله موسى أنْ يضرب بعصاه البحر ، فصار كل فِرْق كالطود العظيم . فلما أنْ جازه موسى وقومه إلى الناحية الأخرى أراد أنْ يضرب البحر مرة أخرى ليعود الماء إلى سيولته واستطراقه فيصُحِّح الله له ويأمره أنْ يدَعَهُ على حاله ، فالحق - تبارك - وتعالى - يتابع نبيه موسى خُطْوة بخطوة كما قال له : { إِنَّنِي مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ } [ طه : 46 ] . وحاشا لله أن يُكلِّفه بأمر ثم يتركه ، ولما رأى فرعون الطريق اليابس أمامه عبر بجنوده ، فأطبقه الله عليهم ، فصاروا آية وعبرة ، كما قال سبحانه : { فَٱلْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً … } [ يونس : 92 ] . وتأمَّلْ قدرة الله التي أنجَتْ موسى من الغرق ، وقد ألقتْه أمه بيديها في الماء ، وأغرقتْ فرعون .