Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 47-47)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
المعنى : لولا أن تصيبهم مصيبة بما قدَّمَتْ أيديهم لَعذَّبناهم فاحتجوا قائلين : { رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ القصص : 47 ] فلو عذَّبهم الله دون أن يرسل إليهم رسولاً لكانت حجة لهم . وسبق أنْ قُلْنا : إنه لا عقوبة إلا بتجريم ، ولا تجريم إلا بنصٍّ ولا نصَّ إلا بإعلام ، لذلك تُنشر الأحكام في الوقائع الرسمية ليعرفها الجميع ، فتلزمهم الحجة ، ولا يُعْذَر أحد بالجهل بالقانون ، ولا يُعفى من العقاب . إذن : قطع الله عليهم الحجة ، حين بعث إليهم رسول الله بمنهج الحق الذي يدلهم على الخير والثواب عليه في الجنة ، ويحذرهم من الشر والعقاب عليه في النار { لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى ٱللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ ٱلرُّسُلِ … } [ النساء : 165 ] . إذن : الحكمة من إرسال الرسول إقامة الحجة على المرسَل إليهم مجرد إقامة الحجة لأن قضايا الدين قضايا حقٍّ فطري يهتدي إليها العقل السليم بفطرته لذلك وقف المستشرقون طويلاً عند شخصية عمر - رضي الله عنه - . يقولون : تذكرون عمر في كل شيء : في العدل تقولون عمر ، وفي القوة تقولون عمر ، وفي وجود رسول الله تقولون نزل القرآن موافقاً لكلام عمر ، أليس عندكم إلا عمر ؟ وكأن الحق - تبارك وتعالى - يدلُّنا بشخصية عمر إلى أنه سبحانه لم يُكلِّفنا بقضايا تنفر منها الفطرة ، إنما بقضايا تقبلها فطرتنا السليمة ، وتهتدي إليها بطبيعتها السوية الخالية من الهوى ، وهذا عمر لم يكُنْ نبياً ولا رسولاً ، لكن كان يصل إلى الحق بما فيه من فطرة إيمانية وعقلية سالمة من الأهواء ، حتى وصلت به الفطرة السليمة إلى أنْ ينطق القرآن بنفس ما نطق به . وكلمة { وَلَوْلاۤ … } [ القصص : 47 ] تأتي بأحد معنيين : إنْ دخلتْ على الجملة الاسمية فهي حرف امتناع لوجود ، كما لو قلت : لولا زيد عندك لَزرتُكَ ، فامتنعتْ الزيارة لوجود زيد ، ومن هذه قوله تعالى : { وَلَوْلاۤ أَن تُصِيبَهُم مُّصِيبَةٌ … } [ القصص : 47 ] والتقدير : لولا إصابتهم . فإنْ دخلتْ لولا على الجملة الفعلية أفادتْ الحثَّ والحضَّ ، كما تقول لولدك : لولا ذاكرتَ دروسك ، وكذلك لولا الثانية في الآية { فَيَقُولُواْ رَبَّنَا لَوْلاۤ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آيَاتِكَ وَنَكُونَ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ القصص : 47 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { فَلَمَّا جَآءَهُمُ ٱلْحَقُّ مِنْ عِندِنَا … } .