Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 49-49)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى { قُلْ … } [ القصص : 49 ] أي : في الردّ عليهم { فَأْتُواْ بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ هُوَ أَهْدَىٰ مِنْهُمَآ … } [ القصص : 49 ] أي : أهدى من التوراة التي جاء بها موسى ، وأهدى من القرآن الذي جاء به محمد ما دام أنهما لم يُعجباكم { أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ القصص : 49 ] يعني : لو جئتمُ به لاتبعته . وهذا يعني منهجين : منهج حقٍّ جاء به محمد ، ومنهج باطل يُصرون هم عليه ، وهذا التحدي من سيدنا رسول الله للكفار يعني أنه لا يوجد كتاب أهدى مما جاء به ، لا عند القوم ، ولا عند مَنْ سيأتي من بعدهم ، وحين يُقر لهم رسول الله بإمكانية وجود كتاب أَهْدى من كتابه يطمعهم في طلبه ، فإذا طلبوه لم يجدوا كتاباً أهدى منه ، فيعرفوا هم الحقيقة التي لم ينطق بها رسول الله ، وهل يستطيع بشر أن يضع للناس منهجاً أهدى من منهج الله ؟ إذن : يقول لهم : { إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } [ القصص : 49 ] وهو يعلم أنهم غير صادقين ، لأن الله تعالى جعل محمداً صلى الله عليه وسلم خاتَم الرسل ، فلن يأتي رُسُل بعده ، بحيث يأتي الرسول فتستدركوا عليه فيأتي آخر بكتاب جديد ، وأنتم لن تستطيعوا أنْ تأتوا بكتاب من عند أنفسكم لأن كل مُقنّن سيأتي بالمنهج الذي يخدم مذهبه ، ويُرضي هواه . لذلك نقول : ينبغي في المقنِّن ويُشترط فيه : أولاً : أن يكون على علم واسع ، بحيث لا يُسْتدرك عليه فيما بعد ، وهذه لا تتوفر في أحد من البشر ، بدليل أن القوانين التي وُضِعت في الماضي لم تَعُدْ صالحة الآن ينادي الناس كثيراً بتعديلها ، حيث طرأتْ عليهم مسائل جديدة غابتْ عن ذِهْن المشرِّع الأول ، فلما جدَّتْ هذه المسائل أتعبت البشر بالتجربة ، فَطالبوا بتعديلها . ثانياً : يشترط في المشرِّع ألاَّ يكون له هوى فيما يُشرِّع للناس ، ونحن نرى الرأسماليين والشيوعيين ، وغيرهم كُلٌّ يشرع بما يخدم مذهبه وطريقته في الحياة لذلك يجب ألاّ يُسند التشريع للناس لأحد منهم لأنه لا يخلو من هوى . ثالثاً : يُشتَرط فيه ألاَّ يكون منتفعاً بشيء مما يشرع . وإذا اقتضتْ مسائل الحياة وتنظيماتها أنْ نُقنّن لها ، فلا يُقنِّن لنا من البشر إلا أصحاب العقل الناضج والفكر المستقيم ، بحيث يتوفر لهم نُضْج التقنين ، لكن إلى أنْ يوجد عندهم نضج التقنين أيّ منهج يسيرون عليه ؟ فإنْ حدثتْ فجوة في التشريع عاش الناس بلا قانون ، وإلاَّ فما الذي قنَّنَ لأول مُقنِّن ؟ الذي قنّن لأول مُقنِّن هو الذي خلق أول مَن خُلق . ثم يقول الحق سبحانه : { فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكَ فَٱعْلَمْ أَنَّمَا … } .