Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه صفة أخرى من صفات المؤمنين { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ … } [ القصص : 55 ] واللغو : هو الكلام الذي لا فائدة منه ، فلا ينفعك إنْ سمعتَه ، ولا يضرك عدم سماعه ، وينبغي على العاقل أنْ يتركه ، فهو حقيق أنْ يُترك وأنْ يُلْغى . ولذلك كان من صفات عباد الرحمن : { وَإِذَا مَرُّواْ بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِراماً } [ الفرقان : 72 ] أي : لا يلتفتون إليه . وسبب نزول هذه الآية : لما استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم رُسُل النجاشي وكانوا جماعة من القساوسة ، فلما جلسوا أسمعهم سورة يس ، فتأثروا بها حتى بكَوْا جميعاً ، ثم آمنوا برسول الله ، ولما انصرفوا تعرَّض لهم أبو جهل ونهرهم وقال : خيَّبكم الله من رَكْب - وهم الجماعة يأتون في مهمة - أرسلكم من خلفي - يعني : النجاشي - لتعلموا له أخبار الرجل ، فسمعتموه فبكيتُم وأسلمتُم ، والله ما رأينا رَكْباً أحمق منكم ، فما كان منهم إلا أنْ أعرضوا عنه . هذا معنى قول الحق سبحانه : { وَإِذَا سَمِعُواْ ٱللَّغْوَ أَعْرَضُواْ عَنْهُ وَقَالُواْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ … } [ القصص : 55 ] . وهؤلاء مرُّوا باللغو مرورَ الكرام ، وأعرضوا عنه ، فلم يلتفتوا إليه ، وزادوا على ذلك أنهم لم يسكتوا على اللغو إنما قالوا : { لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ لاَ نَبْتَغِي ٱلْجَاهِلِينَ } [ القصص : 55 ] لنا أعمالنا الخيِّرة التي يجب أنْ نُقبل عليها ، ولكم أعمالكم الباطلة التي ينبغي أنْ تُترك ، فكلٌّ مِنَّا له شَأْن يشغله . { سَلاَمٌ عَلَيْكُمْ … } [ القصص : 55 ] والسلام إما سلام تحية كما هو شائع بيننا ، وإما سلام للمتاركة كما لو دخلتَ مع صاحبك في جدل ، فلما رأيتَ أنه سيطول وربما تعدَّيْتَ عليه فتقول له تاركاً : سلام عليكم . تعني : إنني ليس لديَّ ما أقوله لمفارقتك إلا هذه الكلمة . ومن ذلك ما دار بين الخليل إبراهيم - عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام - وبين عمِّه ، فبعد أنْ ناقشه ولم يَصل معه إلى نتيجة قال له : { سَلاَمٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّيۤ … } [ مريم : 47 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ … } .