Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 56-56)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذا خطاب لسيدنا رسول الله ، خاصٌّ بدعوته لعمه أبي طالب الذي ظلَّ على دين قومه ، ولكنه كان يحمي رسول الله حماية عصبية قربى وأهل ، لا محبة في الإسلام ، ولله تعالى حكمة في أنْ يظلَّ أبو طالب على الكفر لأنه بذلك كسب قريشاً ونال احترامهم ، حيث أعجبهم عدم إيمانه بمحمد وعدم مجاملته له ، وأعجبهم أن يظل على دين الآباء ، فاحترموا حمايته لابن أخيه ، وهذا منع عن رسول الله إيذاءهم ، وحمى الدعوة من كثير من الاعتداءات عليها . لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصاً على أنْ يردَّ له هذا الجميل ، وردُّ رسول الله للجميل لا يكون بعرَض من الدنيا ، إنما بشيء باقٍ خالد ، فلما حضرت أبا طالب الوفاة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " يا عم ، قُلْ لا إله إلا الله كلمة أشفع لك بها عند الله يوم القيامة " فقال : يا ابن أخي ، لولا أن قريشاً تُعيِّرني بهذه الواقعة ، ويقولون ما آمن إلا جزعاً من الموت لأقررت عينك بها . لكن يُروى أنه بعدما انتقل أبو طالب ، جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له : يا محمد ، إن الكلمة التي طلبتَ من عمِّك أنْ يقولها قالها قبل أن يموت وأنا أشهد بها . ونلاحظ هنا دقة الأداء من العباس ، حيث لم يقُلْ : إن هذه الكلمة لا إله إلا الله ، بل سماها الكلمة لماذا ؟ لأنه لم يكن قد أسلم بعد . وسبق أنْ تكلَّمنا في معنى الهداية { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ … } [ القصص : 56 ] وقلنا : إنها تأتي بأحد معنيين : بمعنى الإرشاد والدلالة ، وبمعنى المعونة لمن يؤمن بالدلالة ، ومن ذلك قوله تعالى : { وَٱلَّذِينَ ٱهْتَدَوْاْ زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ } [ محمد : 17 ] أي : سمعوا الدلالة وأطاعوها ، فزادهم الله هداية أخرى ، هي هداية الإيمان والمعونة . يقول تعالى في هذه المسألة : { وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ } [ فصلت : 17 ] يعني : دللناهم { فَٱسْتَحَبُّواْ ٱلْعَمَىٰ عَلَى ٱلْهُدَىٰ } [ فصلت : 17 ] لذلك حُرِموا هداية المعونة . إذن : الهداية المنفية عن سيدنا رسول الله { إِنَّكَ لاَ تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ … } [ القصص : 56 ] هي هداية المعونة والتوفيق للإيمان لأنه صلى الله عليه وسلم هدى الجميع هداية الدلالة والإرشاد ، وكان مما قال : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ هَلْ أَدُلُّكمْ عَلَىٰ تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } [ الصف : 10 ] . فهداية الدلالة صدرت أولاً عن الله تعالى ، ثم بالبلاغ من رسوله صلى الله عليه وسلم ثانياً . ثم يقول الحق سبحانه : { وَقَالُوۤاْ إِن نَّتَّبِعِ ٱلْهُدَىٰ مَعَكَ … } .