Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 5-5)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

فلن يدوم لفرعون هذا الظلم لأن الله تعالى كتب ألاّ يفلح ظَلُوم ، وألاَّ يموت ظلوم ، حتى ينتقم للمظلوم منه ، ويُريه فيه عاقبة ظلمه ، حتى إن المظلوم ربما رحم الظالم ، وحَسْبك من حادث بامرىء ترى حاسديه بالأمس ، راحمين له اليوم . وهنا تُطالعنا غضبة الحق - تبارك وتعالى - للمؤمنين { وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱسْتُضْعِفُواْ فِي ٱلأَرْضِ … } [ القصص : 5 ] والمنة : عطاء مُعوّض ، وبدون مجهود من معطي المنة ، كأنها هِبَة من الحق سبحانه ، وغضبة لأوليائه وأهل طاعته لأن الحق - تبارك وتعالى - كما قال الإمام علي : إن الله لا يُسلِم الحق ، ولكن يتركه ليبلو غَيْرة الناس عليه ، فإذا لم يغاروا عليه غَارَ هو عليه . والحق - تبارك وتعالى - حينما يغَارُ على الذين استُضعِفوا لا يرفع عنهم الظلم فحسب ، وإنما أيضاً { وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً … } [ القصص : 5 ] أئمة في الدين وفي القيم ، وأئمة في سياسة الأمور والملك { وَنَجْعَلَهُمُ ٱلْوَارِثِينَ } [ القصص : 5 ] أي : يرثون مَنْ ظلمهم ، ويكونون سادةً عليهم وأئمةً لهم ، فانظر على كم مرحلة تأتي غيرة الله لأهل الحق . ولولا أن فرعون - الذي قوي على المستضعفين وأذلَّهم - تأبَّى على الله ورفض الانقياد لشملته رحمة الله ، ولعاشَ هو ورعيته سواء ؟ لذلك أهل الثورات الذين جاءوا للقضاء على أصحاب الفساد وإنصاف شعوبهم ممَّنْ ظلمهم ، كان عليهم بعد أنْ يقضوا على الفساد ، وبعد أن يمنعوا المفسد أن يُفسِد ، ويحققوا العدالة في المجتمع ، كان عليهم أنْ يضموا الجميع إلى أحضانهم ورعايتهم ، ويعيش الجميع بعد تعديل الأوضاع سواسية في مجتمعهم ، وبذلك نأمن الثورة المضادة . ثم يقول تعالى استكمالاً لمِنَّته : { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ … } .