Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 28, Ayat: 6-6)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ … } [ القصص : 6 ] نعرف أن الأرض مكان يحدث فيه الحدَث ، لأن كل حَدَث يحتاج إلى زمان وإلى مكان ، فالمعنى : نجعل الأرض مكاناً لممكَّن فيها ، والتمكين يعني : يتصرف فيها تسلطاً ، ويأخذ خيرها . وقد شرح الحق سبحانه لنا التمكين في عدة مواضع من القرآن ، ففي قصة يوسف عليه السلام : { إِنَّكَ ٱلْيَوْمَ لَدَيْنَا مَكِينٌ أَمِينٌ } [ يوسف : 54 ] مكين يعني : لك عندنا مكانة ومركز ثابت لا ينالُك أحد بشيء ، ومنها قوله تعالى : { وَكَذٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي ٱلأَرْضِ … } [ يوسف : 21 ] يعني : أعطيناه سلطة يأخذ بها خير المكان ، ثم يُصرِّف هذا الخير للآخرين . وقوله تعالى : { وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } [ القصص : 6 ] وهامان هو وزير فرعون ، ولا بد أنه كان لكل منهما جنود خاصة غير جنود الدولة عامة ، كما نقول الآن : الحرس الجمهوري ، و الحرس الملكي ، والجيش . أو : أن هامان يصنع من باطن فرعون ، فالملِك لا يزاول أموره إلا بواسطة وزرائه ، وفي هذه الحالة يأخذ الجنود الأوامر من هامان . أو : أن هامان كان له سلطة ومركز قوة لا تقل أهمية عن سلطة فرعون ، وربما رفع رأسه وتطاول على فرعون في وقت من الأوقات . وقد رأينا هذا عندنا في مصر - لذلك يقولون في المثل الريفي المعروف : تقول لمن يحاول خداعك على هامان ؟ يعني : أنا لا تنطلي عليَّ هذه الحيل . والضمير في { مِنْهُمْ … } [ القصص : 6 ] يعود على المستضعفين { مَّا كَانُواْ يَحْذَرُونَ } [ القصص : 6 ] أي : سنريهم الشيء الذي يخافون منه ، والمراد النبوءة التي جاءتهم ، إما عن طريق الكهنة ، أو عن طريق الرُّؤْيا ، حيث رأى فرعون ناراً تأتي من بيت المقدس ، وتتسلط على القِبْط في مصر ، لكنها لا تؤذي بني إسرائيل ، فلما عبَّروا له هذه الرؤيا قال : لا بد أنه سيأتي من هذه البلد من يسلب مني مُلْكي . ويُرْوى أنه الكهنة أخبروه أنه سيُولد في هذه السنة مولود يكون ذهاب مُلْكك على يديه . فسوف يرى فرعون وقومه هذه المسألة بأعينهم ويباشرونها بأنفسهم ، وسيقع هذا الذي يخافون منه لذلك أمر فرعون بقتْل الذكْران من بني إسرائيل ليحتاط لأمره ، ويُبقِي على مُلْكه ، لكن هذا الاحتياط لم يُغنِ عنه شيئاً . ثم يقول الحق سبحانه : { وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ أُمِّ مُوسَىٰ … } .