Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 28, Ayat: 78-78)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

لكن ما وجه هذا الردّ { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ … } [ القصص : 78 ] على المطلوبات الخمسة التي طلبوها منه ؟ كأنه يقول لهم : لا دخلَ لكم بهذه الأمور لأن الذي أعطاني المال علم أنني أهْلٌ له ، وأنني استحقه لذلك ائتمنني عليه ، ولسْتُ في حاجة لنصيحتكم . أو يكون المعنى { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ … } [ القصص : 78 ] يعني : بمجهودي ومزاولة الأعمال التي تُغِل علىَّ هذا المال ، وكان قارون مشهوراً بحُسْن الصوت في قراءة التوراة ، وكان حافظاً لها . وكان حسن الصورة ، وعلى درجة عالية بمعرفة أحكام التوراة . فعجيب أن يكون عنده كل هذا العلم ويقول { إِنَّمَآ أُوتِيتُهُ عَلَىٰ عِلْمٍ عِندِيۤ … } [ القصص : 78 ] ولا يعلم أن الله قد أهلك من قبله قروناً كانوا أشدَّ منه قوة ، وأكثر منه مالاً وعدداً . { أَوَلَمْ يَعْلَمْ أَنَّ ٱللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِن قَبْلِهِ مِنَ ٱلْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَأَكْثَرُ جَمْعاً … } [ القصص : 78 ] فكيف فاتتْه هذه المسألة مع عِلْمه بالتوراة ؟ ومعنى { أَوَلَمْ يَعْلَمْ … } [ القصص : 78 ] أي : من ضمن ما علم { مِنَ ٱلْقُرُونِ … } [ القصص : 78 ] أناس كانوا أكثر منه مالاً ، وقد أخذهم الله وهم أمم لا أفراد ، وكلمة { جَمْعاً … } [ القصص : 78 ] يجوز أن تكون مصدراً يعني : جمع المال ، أو : اسم للجماعة أي : له عُصْبة . وبعد ذلك قال سبحانه : { وَلاَ يُسْأَلُ عَن ذُنُوبِهِمُ ٱلْمُجْرِمُونَ } [ القصص : 78 ] وعلامة أنهم لا يُسألون أن الله تعالى يأخذهم دون إنذار يأخذهم على غِرَّة ، فلن يقول لقارون : أنت فعلت كذا وكذا ، وسأفعل بك كذا وكذا ، وأخسف بك وبدارك الأرض ، فأفعالك معلومة لك ، والحيثيات السابقة كفيلة بأنْ يُفاجئك العذاب . وهكذا يتوقع أنْ يأتيه الخَسْف والعذاب في أيِّ وقت ، إذن : لن نسألهم ، ولن نُجري معهم تحقيقاً كتحقيق النيابة أو البوليس ، حيث لا فائدة من سؤالهم ، وليس لهم عندنا إلا العقاب . وبعد هذا كله وبعد أنْ نصحه قومه ما يزال قارون متغطرساً بَطِراً لم يَرْعَو ولم يرتدع ، بل ظل فََرِِحاً باغياً مفسداً ، ويحكي عنه القرآن : { فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ … } .