Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 21-21)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
لماذا بدأ الحق سبحانه هنا بذكر العذاب ؟ في حين قدَّم المغفرة في آية أخرى : { يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ … } [ المائدة : 18 ] . قالوا : لأن الكلام هنا عن المكذّبين المعرضين وعن الكافرين ، فناسب أنْ يبدأ معهم بذكر العذاب { يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ … } [ العنكبوت : 21 ] فإنْ قُلْت : فلماذا يذكر الرحمة مع الكافرين بعد أنْ هدَّدهم بالعذاب ؟ نقول : لأنه رب يهدد عباده أولاً بالعذاب ليرتدعوا وليؤمنوا ، ثم يُلوِّح لهم برحمته سبحانه ليُرغِّبهم في طاعته ويلفتهم إلى الإيمان به . وقد صَحَّ في الحديث القدسي : " رحمتي سبقت غضبي " ففي الوقت الذي يُهدِّد فيه بالعذاب يُلوِّح لعباده حتى الكافرين بأن رحمته تعالى سبقتْ غضبه . وقوله سبحانه : { وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ } [ العنكبوت : 21 ] أي : تُرجعون ، وجاء بصيغة تقلبون الدالة على الغَصْب والانقياد عُنْوة ليقول لهم : مهما بلغ بكم الطغيان والجبروت والتعالي بنعم الله ، فلا بُدَّ لكم من الرجوع إليه ، والمثول بين يديْه ، فتذكَّروا هذه المسألة جيداً ، حيث لا مهربَ لكم منها لذلك كان مناسباً أنْ يقول بعدها : { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ … } .