Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 29, Ayat: 22-22)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معجزين : جمع معجز ، وهو الذي يُعجز غيره ، تقول : أعجزتُ فلاناً يعني : جعلته عاجزاً ، والمعنى أنكم لن تفلتوا من الله ، ولن تتأبَّوْا عليه ، حين يريدكم للوقوف بين يديه ، بل تأتون صاغرين . ونلحظ هنا أن الحق سبحانه قال : { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ … } [ العنكبوت : 22 ] ولم يقل مثلاً : لن تعجزوني حين أطلبكم لأن نفيَ الفعل غير نفي الوصف ، فحين تقول مثلاً : أنت لا تخيط لي ثوباً ، فهذا يعني أنه يستطيع أنْ يخيط لك ثوباً لكنه لا يريد ، فالقدرة موجودة لكن ينقصها الرضا بمزاولة الفعل ، إنما حين تقول : أنت لستَ بخائط فقد نفيتَ عنه أصل المسألة . لذلك لم ينْفِ عنهم الفعل حتى لا نتوهم إمكانية حدوثه منهم ، فالهرب والإفلات من لقاء الله في الآخرة أمر غير وارد على الذِّهْن أصلاً ، إنما نفى عنهم الوصف من أساسه { وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ … } [ العنكبوت : 22 ] . ثم يقول سبحانه : { وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ } [ العنكبوت : 22 ] حتى لا يقول قائل : إنْ كانوا هم غير معجزين ، فقد يكون وراءهم مَنْ يُعجز الله ، أو وراءهم مَنْ يشفع لهم ، أو يدافع عنهم ، فنفى هذه أيضاً لأنه سبحانه لا يُعجزه أحد ، ولا يُعجزه شيء . لذلك خاطبهم بقوله : { مَا لَكُمْ لاَ تَنَاصَرُونَ } [ الصافات : 25 ] أين الفتوات الأقوياء ينصرونكم ؟ فنفى عنهم الولي ، ونفى عنهم النصير لأن هناك فَرْقاً بينهما : الوليّ هو الذي يقرب منك بمودة وحُبٍّ ، وهذا يستطيع أنْ ينصرك لكن بالحُسْنى وبالسياسة ، ويشفع لك إن احتجتَ إلى شفاعته ، أمّا النصير فهو الذي ينصرك بالقوة و الفتونة . وهكذا نفى عنهم القدرة على الإعجاز ، ونفى عنهم الولي والنصير ، لكن ذكر { مِّن دُونِ ٱللَّهِ … } [ العنكبوت : 22 ] يعني : من الممكن أن يكون لهم وليٌّ ونصير من الله تعالى ، فإنْ أرادوا الولي الحق والنصير الحق فليؤمنوا بي ، فأنا وليُّهم وأنا نصيرهم . وكأنه سبحانه يقول لهم : إنْ تُبْتم ورجعتم عما كنتم فيه من الكفر واعتذرتم عما كان منكم ، فأنا وليُّكم وأنا نصيركم . وفي موضع آخر قال : { وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } [ العنكبوت : 25 ] ولم يقل من دون الله لأن الموقف في الآخرة ، والآخرة لا توبةَ فيها ولا اعتذار ولا رجوع ، فقوله { مِّن دُونِ ٱللَّهِ … } [ العنكبوت : 22 ] لا تكون إلا في الدنيا . ثم يقول الحق سبحانه : { وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ … } .