Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 29, Ayat: 38-38)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نلحظ في هذه البرقيات السريعة أنها تذكر المقدمة ، ثم النهاية مباشرة { وَعَاداً وَثَمُودَاْ … } [ العنكبوت : 38 ] هذه المقدمة { وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم مِّن مَّسَاكِنِهِمْ … } [ العنكبوت : 38 ] هذا موجز لما نزل بهم ، وكأن الحق سبحانه يقول لنا : لن أحكي لكم ما حاق بهم لأنكم تشاهدون ديارهم ، وتمرون عليها ليل نهار { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [ الصافات : 137 - 138 ] . والآن مع الثورة العلمية استطاعوا تصوير ما في باطن الأرض ، وظهرت كثير من الآثار لهذه القرى عاد وثمود والأحقاف ، واقرأ قوله سبحانه وتعالى : { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ * إِرَمَ ذَاتِ ٱلْعِمَادِ } [ الفجر : 6 - 7 ] . وطبيعي الآن أن نجد آثار السابقين تحت التراب ، ولا بُدَّ أن نحفر لنصل إليها لأن عوامل التعرية طمرتها بمرور الزمن ، ولمَ لا والواحد منّا لو غاب عن بيته شهراً يعود فيجد التراب يغطي أسطح الأشياء ، مع أنه أغلق الأبواب والنوافذ ، ولك أن تحسب نسبة التراب هذه على مدى آلاف السنين في أماكن مكشوفة . وحكَوْا أن الزوابع والعواصف الرملية في رمال الأحقاف مثلاً كانت تغطي قافلة بأكملها ، إذن : كيف ننتظر أن تكون آثار هذه القرى باقية على سطح الأرض ؟ والآن نشاهد في الطرق الصحراوية مثلاً إذا هبَّتْ عاصفة واحدة فإنها تغطي الطرق بحيث تعوق حركة المرور إلى أنْ تُزَاح عنها هذه الطبقة من الرمال . إذن : علينا أن نقول : نعم يا رب رأينا مساكنهم ومررنا بها - ولو من خلال الصور الحديثة التي التقطت لهذه القرى { وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ … } [ العنكبوت : 38 ] يعني : أغواهم بالكفر ، وأقنعهم أنه الأسلوب السليم والأمثل في حركة الحياة { فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ … } [ العنكبوت : 38 ] فما دام قد زيَّن لهم سبيل الشيطان فلا بُدَّ أنْ يصدَّهم عن سبيل الإيمان { وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ } [ العنكبوت : 38 ] يعني : لم نأخذهم على غِرَّة . لأن المبدأ الذي اختاره الله تعالى لخلقه { وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّىٰ نَبْعَثَ رَسُولاً } [ الإسراء : 15 ] رسولاً يُبيِّن لهم وينذرهم ، ويحذرهم عاقبة الكفر لذلك لم يأخذهم الله تعالى إلا بعد أنْ أرسل إليهم رسولاً فكذَّبوه . ثم يقول الحق سبحانه : { وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَآءَهُمْ … } .