Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 3, Ayat: 107-107)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

ولنلاحظ دائما أن الله حين يبين جزاءً لمؤمن على إيمانه وطاعته فسبحانه يقول مرة : { أُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } [ الأعراف : 42 ] . ومرة أخرى يقول : { فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَٱعْتَصَمُواْ بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } [ النساء : 175 ] . ما الفرق بين الاثنين ؟ إن الناس في العبادة صنفان : منهم من يعبد الله ويريد نعيم الجنة ، فيعطيه الله الجنة جزاء لعبادته ولعمله الصالح . وآخر يعبد الله لأن الله يستحق العبادة ولا تمر الجنة على باله ، وهذا ينال ذات الرحمة ، إنه ينال لقاء وجه الله . وما الفرق بين الجنة والرحمة ؟ إن الجنة مخلوقة لله ، فهي باقية بإبقاء الله لها ، ولكن الرحمة باقية ببقاء الله ، وهذا ضمان كاف ، فمن يرى الله فيه حسن العبادة لذاته - سبحانه - يضع الله في الرحمة . وقلنا من قبل : إن هناك جنة من الجنات اسمها " عليّون " ليس فيها متعة من المتع التي سمعنا عنها في الجنة ، كلحم الطير وغير ذلك ، وليس فيها إلا أن ترى الله . وما دام العبد لا يأكل عن جوع في الآخرة ، فما الأفضل له ، جنة المتع ، أو متعة رؤية وجه الله ؟ أتتمتع بالنعمة أم بالمنعم ؟ لا جدال أن التمتع برؤية المنعم أرقى وأسمى من التمتع بالمتع الأخرى . والدقة الأدائية في القرآن توضح لنا أن الرحمة تكتنف هؤلاء العباد الصالحين ، وتحيط بهم ، إنهم ظرف للرحمة وداخلون فيها فلا تمسهم الرحمة فقط ، ولكن تحيط بهم ، وهم خالدون فيها ، ويؤكدها الحق بظرفية جديدة بقوله : " هم فيها خالدون " فكأن هناك رحمة يُدخل فيها العباد ، ثم يطمئننا على أنها لا تُنزع منا أبداً . فـ " فيها " الثانية للخلود ، " وفي " الأولى للدخول في الرحمة . وبعد ذلك يقول الحق سبحانه : { تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِٱلْحَقِّ … } .