Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 18-18)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

نلحظ أن قوله تعالى { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ … } [ الروم : 18 ] فصلَتْ بين الأزمنة المذكورة ، فجعلت { تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ } [ الروم : 17 ] في ناحية ، و { وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } [ الروم : 18 ] في ناحية ، مع أنها جميعاً أوقات وأزمنة في اليوم والليلة ، لماذا ؟ قالوا : لأنه سبحانه يريد أنْ يُشعرنا أن له الحمد ، ويجب أنْ تحمده على أنه مُنزَّه عن المثيل لأنها في مصلحتك أنت ، وأنت الجاني لثمار هذا التنزيه ، فإنْ أرادك بخير فلا مثيلَ له سبحانه يمنعه عنك ، وله وحده الكبرياء الذي يحميك أن يتكبر أحد عليك ، وله وحده تخضع وتسجد ، لا تسجد لغيره ، فسجودك لوجه ربك يكفيك كل الأوجه ، كما قال الشاعر : @ فَالسُّجُودُ الذي تَجْتويهِ فيه مِنْ أُلُوف السُّجُودِ نَجَاةُ @@ إذن : من مصلحتك أن يكون الله تعالى هو الواحد الذي لا مثيلَ له ، والقوي الذي لا يوجد أقوى منه ، والمتكبِّر بحقٍّ لأن كبرياءه يحمي الضعيف أنْ يتكبّر عليه القوي ، يجب أنْ تحمد الله الذي تعبَّدنا بالسجود له وحده ، وبالخضوع له وحده لأنه أنجاك بالسجود له أنْ تسجد لكل قوي عنك ، وهذا من عظمته تعالى ورحمته بخَلْقه لذلك تستوجب الحمد . لذلك نقول في العامية اللي ملوش كبير يشتري له كبير لماذا ؟ لأنه لا يعيش عزيزاً مُكرّماً إلا إذا كان له كبير يحميه ، ويدافع عنه ، كذلك أنت لا تكون عزيزاً إلا في عبوديتك لله . والخَلْق جميعاً بالنسبة لله تعالى سواء ، فليس له سبحانه من عباده ولد ولا قريب ، فلا مؤثرات تؤثر عليه ، فيحابي أحداً على أحد ، فنحن جميعاً شركة في الله لذلك يقول سبحانه { مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } [ الجن : 3 ] أي : لا شيء يؤثر عليه سبحانه . وقال بعد التسبيح { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ … } [ الروم : 18 ] لأن التسبيح ينبغي أنْ يُتبَع بالحمد فتقول : سبحان الله والحمد لله ، أي : الحمد لله على أنني سبَّحت مسبَّحاً . وحين نتأمل هذه الأوقات التي أمرنا الله فيها بالتسبيح ، وهي المساء والصباح والعشي ، وهي من العصر إلى المغرب ، ثم الظهيرة نجد أنها أوقات عامة سارية في كَوْن الله لا تنقطع أبداً ، فأيّ صباح وأيّ مساء ؟ صباحي أنا ؟ أم صباح الآخرين ؟ مسائي أم مساء غيري في أقصى أطراف المعمورة ؟ إن المتأمل في دورة الوقت يجد أن كل لحظة فيه لا تخلو من صباح ومساء ، وعشية وظهيرة ، وهذا يعني أن الله تعالى مُسبَّح معبود في كل لحظة من لحظات الزمن . وفي ضوء هذا نفهم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسِيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل " فالكون لا يخلو في لحظة واحدة من ليل أو نهار ، وهذا يعني أن يد الله سبحانه مبسوطة دائماً لا تُقبَض : { بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ … } [ المائدة : 64 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ … } .