Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 30, Ayat: 53-53)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

والدلالة على الطريق والهداية إليه لا تتأتَّى مع العمى ، خصوصاً إذا أصرَّ الأعمى على عماه ، ونقول لمن يكابر في العمى فلان لا يعطي العمى حَقّه يعني : يأنف أنْ يستعين بالمبصر ، ولو استعان بالناس من حوله لوجدهم خدماً له ولصار هو مُبصراً ببصرهم . وقوله سبحانه : { إِن تُسْمِعُ … } [ الروم : 53 ] أي : ما تُسمِع { إِلاَّ مَن يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } [ الروم : 53 ] وهؤلاء هم أصفياء القلوب والفطرة ، الذين يلتفتون إلى كون الله ، يتأملون أسراره وما فيه من وجوه الإعجاز والقدرة ، فيستدلون بالخَلْق على الخالق ، وبالكون على المكوِّن سبحانه ، ولِمَ لا ، ونحن نعرف مَنِ اخترع أبسط الأشياء في حياتنا ونُؤرِّخ له ، ونُخلِّد ذكراه ، ألسنا نعرف أديسون الذي اخترع المصباح الكهربائي ، والله الذي خلق الشمس لَهُوَ أوْلَى بالمعرفة . فإذا جاءك رسول من عند الله يخبرك بوجوده تعالى ، ويحل لك لغز هذا الوجود الذي تحتار فيه ، فعليك أنْ تُصدِّقه ، وأن تؤمن بما جاءك به لذلك الحق سبحانه يُعلِّم الرسل أنْ يقولوا للناس في أعقاب البلاغ { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ … } [ الشعراء : 109 ] . وفي هذا إشارة إلى أن العمل الذي يُؤدِّيه الرسل لأقوامهم عمل يستحقون عليه أجراً بحكم العقل ، لكنهم يترفعون عن أجوركم لأن عملهم غالٍ لا يُقدِّره إلا مَنْ أرسلهم ، وهو وحده القادر على أنْ يُوفِّيهم أجورهم . ومعنى { يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا … } [ الروم : 53 ] يعني : ينظر فيها ويتأملها ، ويقف على ما في الكون من عجائب الخَلْق الدالة على قدرة الخالق ، فإذا ما جاءه رسول من عند الله أقبل عليه وآمن به لذلك قال بعدها : { فَهُمْ مُّسْلِمُونَ } [ الروم : 53 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن … } .