Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 31, Ayat: 8-8)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
وهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات في مقابل الذين يشترون لهو الحديث ليضلوا عن سبيل الله ، وهذه سِمَة من سمات الأسلوب القرآني لأن ذكر الشيء مع مقابله يُوضِّح المعنى ويعطيه حُسْناً ، كما في قوله تعالى : { إِنَّ ٱلأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ * وَإِنَّ ٱلْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ } [ الانفطار : 13 - 14 ] . فالجمع بين المتقابلات يُفرح المؤمن بالنعيم ، ثم يفرحه بأنْ يجد أعداءه من الكفار الذين غاظوه واضطهدوه وعذَّبوه يجدهم في النار . وقلنا : إن الحق - سبحانه وتعالى - حينما يتكلم عن الإيمان يردفه بالعمل الصالح { إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ لقمان : 8 ] لأن الإيمان أن تعلم قضايا غيبية فتُصدِّق بها ، لكن ما قيمة هذا الإيمان إذا لم تنفذ مطلوبه ؟ وكذلك في سورة العصر : { وَٱلْعَصْرِ * إِنَّ ٱلإِنسَانَ لَفِى خُسْرٍ * إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ … } [ العصر : 1 - 3 ] ففائدة الإيمان العمل بمقتضاه ، وإلا فما جدوى أن تؤمن بأشياء كثيرة ، لكن لا تُوظف ما تؤمن به ، ولا تترجمه إلى عمل وواقع لذلك إنْ اكتفيتَ بالإيمان ككلمة تقال دون عمل ، فقد جعلت الإيمانَ حجة عليك لا حجةً لك . ومعنى { وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ } [ لقمان : 8 ] أي : الصالح ، والحق سبحانه خلق الكون على هيئة الصلاح ، فالشيء الصالح عليك أنْ تزيد من صلاحه ، فإنْ لم تقدر فلا أقلَّ من أنْ تدعَ الصالح على صلاحه فلا تفسده . ثم يذكر سبحانه جزاء الإيمان والعمل الصالح { لَهُمْ جَنَّاتُ ٱلنَّعِيمِ } [ لقمان : 8 ] فهي جنات لا جنة واحدة ، ثم هي جنات النعيم أي : المقيم الذي لا تفوته ولا يفوتك . ثم يقول الحق سبحانه : { خَالِدِينَ فِيهَا وَعْدَ ٱللَّهِ حَقّاً … } .