Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 16-16)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم { قُل } [ الأحزاب : 16 ] أي : لهؤلاء الذين يريدون الفرار من المعركة { لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ } [ الأحزاب : 16 ] والقرآن هنا يحتاط لمسألة إزهاق الروح ، وسبق أن تحدثنا عن الفرق بين الموت والقتل لذلك يقول تعالى عن نبيه محمد : { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ … } [ آل عمران : 144 ] . فالموت لا يقدر عليه إلا واهب الحياة سبحانه ، ويكون بنقض الروح أولاً بأمر خالقها ، ثم يتبعه نَقْض البنية ، أما القتل فيقدر عليه الخَلْق ، ويتم أولاً بنقض البنية الذي يترتب عليه إزهاق الروح لأن البنية لم تَعُدْ صالحة لاستمرار الروح فيها ، بعد أنْ فقدتْ المواصفات المطلوبة لبقاء الروح . والفرار لن يُجدِي في هذه المسألة لأن لها أجلاً محدداً ، سواء أكان بالله واهب الحياة ، أو كان بفعل واحد من الخَلْق عصى أمر الله ، فهدم البنية التي بناها الله ، وما جدوى الفرار من المعركة ، وقد رأينا مَنْ شهد المعارك كلها ، ثم يموت على فراشه ، كخالد بن الوليد الذي يقول : لقد شهدتُ مائة زَحْف أو زهاءها ، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة بسيف ، أو طعنة برُمْح ، وها أنذا أموت على فراشي كما يموت البعير ، فلا نامتْ أعين الجبناء . ثم يناقشهم القرآن : هَبُوا أنكم فررتُم من الموت أو القتل ، أتدوم لكم هذه السلامة ؟ أتخلدون في هذه الحياة ؟ { وَإِذاً لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } [ الأحزاب : 16 ] وسرعان ما تنتهي الحياة ، وتواجهون الموت الذي لا مَفَرَّ منه ، وكلنا ذاهب إلى هذا المصير . ثم يقول الحق سبحانه : { قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ … } .