Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 17-17)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

المعنى : قل لهم يا محمد مَن الذي { يَعْصِمُكُمْ … } [ الأحزاب : 17 ] أي : يمنعكم { مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً … } [ الأحزاب : 17 ] كما قال في موضع آخر : { لاَ عَاصِمَ ٱلْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ ٱللَّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ … } [ هود : 43 ] . فإذا أراد الله بقوم سوءاً فلا عاصمَ لهم لأنه لا يمتنع أحد مع الله لأنه لا يوجد معه سبحانه إله آخر يدفع السوء عن هؤلاء . والإشكال الذي يحتاج إلى توضيح هنا قوله تعالى : أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً … ] [ الأحزاب : 17 ] فكيف تكون العصمة من الرحمة ؟ قالوا : يعصم هنا بمعنى يمنع ، والمعنى : لا يمنع أحد من أعدائكم رحمة الله إنْ أراد الله بكم رحمة . ونلحظ على سياق الآية أنها جاءت بأسلوب الاستفهام ، ولم تأْتِ على صورة الخبر ، فلم يَقُلْ القرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد ، لا يُعصَم أحد من الله إنْ أرادكم بسوء ، لأن الجملة الخبرية محتملة للصدق وللكذب ، إنما شاء الله أن يجعلها جملة إنشائية استفهامية ليقرروا هم بأنفسهم هذه الحقيقة ، كأنه تعالى يقول لهم : لقد ارتضيتُ حكمكم أنتم ، ولو لم يكُنْ الحق سبحانه واثقاً من أن الجواب لن يأتي إلا : لا أحدَ لَمَا جاء بالأسلوب في صورة استفهام ، إذن : فالاستفهام هنا آكد في تقرير صِدْق هذه الجملة . كذلك أنت تلجأ إلى هذا الأسلوب في الردِّ على مَنْ ينكر جميلك ، فتقول : ألم أُحْسِن إليك يوم كذا وكذا ؟ فلا يملك عندها إلا الإقرار . ثم يقول سبحانه : { وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً } [ الأحزاب : 17 ] الولي : هو القريب منك ، وأنت لا تُقرِّب منك إلا مَنْ ترجو نفعه ، هو الذي يليك أو يُواليك ، فحبُّه يسبق الحدث ، فإذا ما جاء الحدث حمله حبُّه لك على أنْ يدافع عنك . والنصير : قريب من معنى الولي ، ويدافع أيضاً عنك ، لكن يأتي دفاعه بعد الحدث ، وقد يكون ممَّنْ لا قرابةَ بينك وبينهم . والمعنى : حين يريد الله أحداً بسوء فلن يجد أحداً يمنعه من الله ، لا الولّي ولا النصير . ثم يقول الحق سبحانه : { قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ … } .