Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 34-34)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
قوله تعالى { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ … } [ الأحزاب : 34 ] أي : نساء النبي { مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ … } [ الأحزاب : 34 ] أي : آيات القرآن الكريم { وَٱلْحِكْـمَةِ … } [ الأحزاب : 34 ] أي : حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو : أن عطف الحكمة على آيات الله من عطف الصفة على الموصوف ، لكن القول الأول أَوْلَى ما دام أن الأمر فيه سعة . ومعنى { وَٱذْكُـرْنَ … } [ الأحزاب : 34 ] قلنا : إن الذكْر استحضار واستدعاء معلومة من حاشية الشعور إلى بؤرة الشعور ، والمعنى : استحضر ذِكْر الله واجعلْه على بالك دائماً لذلك قال تعالى : { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ … } [ العنكبوت : 45 ] أي : أكبر من أيِّ عبادة لأن العبادات كما ذكرنا تحتاج إلى استعداد ، وإلى وقت ، وإلى مشقة ، وإلى تفرُّغ وعدم مشغولية . أمَّا ذكر الله فهو يجري على لسانك في أيِّ وقت ، وبدون استعداد أو مشقة ، ويلهج به لسانك في أي وقت ، وعلى أي حال أنت فيه ، واقرأ في ذلك قوله تعالى من سورة الجمعة : { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ الجمعة : 10 ] فما دام أن الذكر هو أنْ تجعل الله على بالك ، فلا يمنعك من ذلك سَعْيٌ ولا عمل لأن الذِّكْر أخف العبادات وأيسَرُها على النفس ، وأثقلها في الميزان . ثم تأمل : { لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } [ الأحزاب : 21 ] . فمن عظمة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن باله لم يَخْلُ لحظة من ذكر ربه أبداً لذلك ورد عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال عن نفسه : " تنام عيني ، ولا ينام قلبي " . ثم تُختم الآية بقوله تعالى : { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً } [ الأحزاب : 34 ] اللطف هو الدقِّة في تناول الأشياء وحُسْن تأتِّي الأمور مهما كانت وسائلها ضيقة ، وسبق أنْ أوضحنا هذا المعنى وقلنا : إن الأشياء الضارة مثلاً كلما لطُفَتْ عَنُفتْ ، فالحديد الذي تجعله على النوافذ ليحميك من الذئاب ، غير الحديد الذي يحميك من الثعابين ، أو من الناموس والذباب … إلخ لذلك نجد أن أفتك الأمراض تأتي من الفيروسات اللطيفة التي لم تُعرف . وحُسْن التأتِّي للأمور يعني التغلغل في الأشياء مهما دَقَّتْ ، فقد تُضطر مثلاً لأنْ تُدخِل يدك في شيء ضيق لتتناول شيئاً بداخله ، فلا تستطيع ، فتستعيَن على ذلك بالولد الصغير لأن يده ألطف من يدك ، أو تستعين على ذلك بآلة أدقّ لتؤدي بها هذا الغرض . ووَصْف اللطيف يُتمِّمه وصف الخبير ، فإذا كان اللطيف يعني الدقة في تناول الأشياء وحُسْن التأتِّي ، فالخبرة تعني معرفة الموضع ، فاللطف لا يتأتى إلا بالخبرة . ثم يقول الحق سبحانه : { إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ … } .