Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 33, Ayat: 47-47)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
نقول في الدعاء : اللهم عاملنا بالفضل لا بالعدل لأن العدل أن تأخذ الجزاء المساوي للعمل ، أو تأخذ حقك ، أمَّا الفضل فأنْ تأخذ فوق حقك وزيادة ، ومن ذلك قوله تعالى : { قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ … } [ يونس : 58 ] . ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " " لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله " قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : " ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمته " لأنني حين أحسب عملي مقابل ما أعطاني ربي من نِعَم قبل أنْ أُخلق ، وإلى أن أبلغ وأُكلَّف ، أجد أنني لو قضيتُ حياتي كلها في طاعة ربي ما وفَّيتُ بحقه عليَّ . ثم من ناحية أخرى تجد أن العبادة والطاعة نفعُها يعود إليك أنت ، ولا ينتفع الله تعالى منها بشيء ، فإذا كانت الطاعة والعبادة يعود نفعها إليك ، إذن : فالثواب عليها يكون فضلاً من الله . ومثَّلْنا لذلك - ولله المثل الأعلى - بولدك تُشجِّعه على المذاكرة ، وتُحضر له أدواته ، وتنفق عليه طوال العام ، فإذا ما نجح آخر العام أعطيْتَه هدية أو مكافأة ، فهذه الهدية من باب الفضل . لذلك ، إنْ أردتَ أنْ تصلح بين متخاصمين ، أو تُؤلِّف بينهما فقُلْ لهم : أتحبون أنْ أحكم بينكم بالعدل أم بالفضل ؟ سيقولون لك : ليس هناك أفضل من العدل ، وعندها لك أن تقول : بل الفضل أحسن من العدل لأن العدل أنْ تأخذ حقك من خصمك ، والفضل أنْ تترك حقَّك لخصمك لتأخذه من يد ربك عز وجل . وهذا ما رأيناه مُطبَّقاً في قصة الإفك بين سيدنا أبي بكر حين عفا عن مسطح بعد أن نزل قوله تعالى : { وَلاَ يَأْتَلِ أُوْلُواْ ٱلْفَضْلِ مِنكُمْ وَٱلسَّعَةِ أَن يُؤْتُوۤاْ أُوْلِي ٱلْقُرْبَىٰ وَٱلْمَسَاكِينَ وَٱلْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلْيَعْفُواْ وَلْيَصْفَحُوۤاْ أَلاَ تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ النور : 22 ] . فمن أراد أنْ يغفر الله له ذنوبه فليغفر لأخيه زلَّته وسَوْأتَهُ . ثم يقول الحق سبحانه : { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَٰفِرِينَ وَٱلْمُنَٰفِقِينَ … } .