Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 52-52)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

سبق أن تناولنا تفسير هذه الآية في إطار سياق الآيات السابقة ، ونلخصها هنا في أن الحق سبحانه بدأ رسوله أولاً بأن أحلَّ له في قوله : { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ … } [ الأحزاب : 50 ] ثم قيد هذا التحليل هنا ، فقال : { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ … } [ الأحزاب : 52 ] . فالحق سبحانه يأتي بالمخفَّف في أشياء ، ثم يأتي بالمثقّل ليعلم القوم أن الله تعالى بدأ رسوله بالعطف والرحمة والحنان ، ويُبيِّن فضله عليه ، كما قال له سبحانه { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ … } [ التوبة : 43 ] قبل أنْ يعاتبه بقوله : { لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ … } [ التوبة : 43 ] . وهذه الآية { لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ … } [ الأحزاب : 52 ] توضح أنّ ما شُرِع لرسول الله في مسألة تعدُّد الزوجات غير ما شُرِع لأمته ، فرسول الله استثناه الله تعالى في المعدود لا في العدد ، والفرق بين الاستثناء في العدد والاستثناء في المعدود أن العدد يُدَار في أشياء متعددة ، فلو أنه أباح له عدد تسع ثم تُوفِّين لَكَان له أن يتزوج بتسع أُخَر ، وإنْ ماتت واحدة منهن له أن يتزوج بواحدة بدلاً منها . لكن الاستثناء لم يكُنْ لرسول الله في العدد كأمته ، إنما في المعدود ، بحيث يقتصر على هؤلاء بخصوصهن ، والحكمة في ذلك أن التي يفارقها زوجها من عامة نساء المؤمنين لها أنْ تتزوج بغيره ، على خلاف زوجات رسول الله ، فإنهن أمهات للمؤمنين ، فلا يحل لهُنَّ الزواج بعد رسول الله . ثم أوضحنا أن مسألة مِلْك اليمين ليستْ سُبَّة في جبين الإسلام ، إنما هي ميزة من ميزاته ، فالله مَلَك الرقبة ليحميها من القتل ، والمقارنة هنا ليستْ بين رق وحرية ، إنما بين رق وقتل كما أوضحنا ، والذي يتأمل حال المملوك أو المملوكة في ظل الإسلام لا يسعه إلا الاعتراف بحكمة الشرع في هذه المسألة . ثم يقول الحق سبحانه : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ … } .