Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 33, Ayat: 55-55)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

بعد أنْ نزلت آية الحجاب : { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ … } [ الأحزاب : 53 ] اشتكى أقارب أمهات المؤمنين وقالوا : حتى نحن يا رسول الله ؟ فأنزل الله هذه الآية . { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِيۤ آبَآئِهِنَّ … } [ الأحزاب : 55 ] . ومعنى { لاَّ جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ … } [ الأحزاب : 55 ] أي : لا حرجَ ولا إثمَ أنْ يدخل عليهن هؤلاء المذكورون لأن مكانتهم من المرأة معلومة ، ولا يُخْشَى من دخولهم عليها ، وهم : الأب ، والابن ، والأخ ، وابن الأخ ، وابن الأخت . والكلام في { وَلاَ نِسَآئِهِنَّ … } [ الأحزاب : 55 ] وهي مضاف ومضاف إليه ، والإضافة في اللغة تأتي بمعانٍ ثلاثة : بمعنى مِنْ مثل أردب شعير يعني : من شعير ، وبمعنى في مثل مكر الليل أي : في الليل ، وتأتي بمعنى اللام مثل مال زيد يعني لزيد ، واللام هنا للملكية أو للاختصاص ، فمعنى مال زيد يعني : مِلْك لزيد ، وتقول : لجام الفرس ، فاللجام ليس مِلْكاً للفرس ، إنما يختص به . فهنا كلمة { نِسَآئِهِنَّ … } [ الأحزاب : 55 ] تأتي بمعنى من وبمعنى اللام أي : نساء لَهُنَّ ، أو نساء منهن ، ولا تأتي هنا بمعنى في إذن : فالمراد نساء منهن يعني : من قرابتهن أو نسائهن يعني : التابعين لهن مثل الخدم شريطة أنْ يكُنَّ مؤمنات لأن المؤمنة هي المؤتمنة على المؤمنة ، أما الكتابية أو الكافرة فلا يصح أنْ تقوم على خدمة المؤمنة لأنها ربما تَصِفُها لقومها . لذلك نلحظ دقة التعبير هنا في عدم ذِكْر الأعمام والأخوال لأن العم أو الخال - رغم أنه في منزلة الوالد - إلا أنه قد يصف البنت لابنه ، فإنْ كان العم أو الخال ليس له ولد ، فالعلة مفقودة ، ويجوز التساهل معهما - إذن - في الدخول على المرأة ، وإبداء الزينة أمامهما . وقوله تعالى : { وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ … } [ الأحزاب : 55 ] قلنا : إن مِلْك اليمين يأتي من الأسرى في حرب مشروعة ، وقد باشرتَ أَسْره بنفسك ، بمعنى أنه لم يكُنْ حراً ، ثم أُخِذ وبيع على أنه عبد ، ثم بعد الأَسْر يمكن أن تأخذ مِلْك اليمين بأنْ تشتريه ، أو تأخذه إرثاً ، أو تأخذه هِبة ، ومِلْك اليَمين قد يكون من النساء فتدخل في نسائهن ، أو يكون من الصبيَان الذين لم يبلغوا مبلغ الرجال . كما قال سبحانه في موضع آخر : { أَوِ ٱلطِّفْلِ ٱلَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَىٰ عَوْرَاتِ ٱلنِّسَآءِ … } [ النور : 31 ] . ويدخل في ذلك أيضاً التابعون الذين يعملون في البيت كالبوابين والسائقين والطباخين … إلخ ، والشرع يتساهل مع هؤلاء لأن العرف الاجتماعي يأبى أنْ تنشأ علاقة بين هؤلاء وبين أهل البيت ، فهؤلاء التابعون يعملون في البيوت ، وبها نساء وبنات جميلات ، لكن كم من هؤلاء تجرّأ على أنْ ينظر إلى سيدته ذلك لأن المركز الاجتماعي جعل بينهما حاجزاً . ثم يقول سبحانه : { وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ … } [ الأحزاب : 55 ] كأن الحق سبحانه يقول : لقد بينتُ لكُنَّ الحكم في الدخول على المرأة ، وبينتُ الأنواع التي لا جناحَ عليكُنَّ في دخولهم ، والحارس عليكُنَّ في هذا تقواكُنَّ لله ، فتقوى الله هي التي تحملك على طاعته ، وتمنعك من الخروج عنها ، ويكفي بعد الأمر بالتقوى أنْ تعلم { إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ … } [ الأحزاب : 55 ] وما يزال { عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً } [ الأحزاب : 55 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ … } .