Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 18-18)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

هذه نعمة أخرى يمتنُّ الله بها على أهل سبأ ، فمعنى { وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ … } [ سبأ : 18 ] بين أهل سبأ { وَبَيْنَ ٱلْقُرَى ٱلَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا … } [ سبأ : 18 ] والمراد بلاد الشام التي قال الله فيها قصة الإسراء : { سُبْحَانَ ٱلَّذِى أَسْرَىٰ بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ إِلَىٰ ٱلْمَسْجِدِ ٱلأَقْصَا ٱلَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَآ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلبَصِيرُ } [ الإسراء : 1 ] . والقرى جمع قرية ، وهي اسم لمكان متواضع البناء ، به مقومات الحياة الضرورية ، فإذا نزلْتَه وجدت به قِرَى يعني طعاماً وشراباً . ونعلم أن أهل اليمن كانوا أهل تجارة بين اليمن والشام ، فجعل الله لهم في طريق تجارتهم { قُرًى ظَاهِرَةً … } [ سبأ : 18 ] يعني : متقاربة متواصلة ، كانت بمثابة استراحات في الطريق مثل الرست وذلك لبُعْد المسافة بين اليمن والشام في رِحْلَتْي الشتاء والصيف ، فأراد الحق سبحانه أنْ يُيسِّر لهم تلك الرحلات ، وأنْ يقطعوها بلا مشقة . { وَقَدَّرْنَا فِيهَا ٱلسَّيْرَ … } [ سبأ : 18 ] يعني : جعلنا سيرهم على مسافات متقاربة ، فالقرى الظاهرة لهم في سيرهم والقريبة منهم بحيث يمرون بها ويروْنَها على طريقهم بلا مشقة ، قرى مُوزَّعة على مسافات الطريق ، بحيث كلما ساروا مسافة وجدوا قرية على سابلة الطريق . وهذا يعني أنهم سيأمنون ، لا يخيفهم شيء ، وأنهم لا يحتاجون لِحَمْل زاد ، فالقرى التى سيمرون بها تكفيهم مؤنة الطريق ، ويجدون بها حاجتهم ، وهذا أيضاً يعني أنهم لن يحتاجوا إلى دواب كثيرة للحمل . والسير أي في الصباح ويقال كذلك للغدوة والروحة ، ثم يُؤنسهم الحق سبحانه بهذا الأمر { سِيرُواْ فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ } [ سبأ : 18 ] بحيث يسير في الغدوة إلى مكان يقيل فيه ، ويسير في الرواح إلى مكان يبيت فيه يعني : محطة للقيلولة ومحطة للبيتوتة . وهذا السير في ظل أمن وأمان ضَمِنه لهم الحق سبحانه ، فلا يروعهم شيء لا من الناس ، ولا من الوحوش . وحين نقارن بين قوله تعالى هنا { آمِنِينَ } [ سبأ : 18 ] وبين قوله تعالى عن قريش : { ٱلَّذِيۤ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ } [ قريش : 4 ] نجد أن الأمن يتوفر بالإطعام والأمان من الخوف ، وهنا قال { آمِنِينَ } [ سبأ : 18 ] ولم يَقُل من خوف لأن معنى { آمِنِينَ } [ سبأ : 18 ] أي : الأمن التام آمنين من الخوف ، وآمنين من الجوع لأنه لم يُذكر مع { آمِنِينَ } [ سبأ : 18 ] متعلق . ثم يقول الحق سبحانه : { فَقَالُواْ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوۤاْ أَنفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ … } .