Back to subchapter overview
Subchapter (Sura: 34, Ayat: 20-20)
Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī
The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com
معنى : { وَلَقَدْ … } [ سبأ : 20 ] توكيد باللام مرة وبقد أخرى { صَدَّقَ … } [ سبأ : 20 ] حقق وأكد { عَلَيْهِمْ … } [ سبأ : 20 ] على أهل سبأ وأمثالهم ممَّن اتبعوه { إِبْلِيسُ ظَنَّهُ … } [ سبأ : 20 ] ما ظَنُّ إبليس ؟ ظنُّه أن شهوات البشر ستُمكِّنه من إغوائهم ، ونحن نعلم قصته لمَّا أمره الله بالسجود لآدم فأَبَى وقال مهدداً : { بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ ٱلْمُسْتَقِيمَ } [ الأعراف : 16 ] وقال : { فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } [ ص : 82 ] وكان لا يزال فيه بقية من حياء ، فقال : { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } [ الحجر : 40 ] . فظنُّ إبليس أنه قال : لقد أغويتُ أباهم وقدرْتُ عليه حين أغويته ، فأكل من الشجرة مع أنه كان أول الخَلْق وأقواهم ، وقد كلَّفه الله مباشرة وكلَّفه بشيء واحد ، وهو أنْ يأكل من كل ثمار الجنة ، عدا هذه الشجرة ، ومع ذلك قدرْتُ عليه . إذن : فأنا أقدر على ذريته لأنهم أقلُّ منه قوةً ، وقد كلَّفهم الله تكليفاً غير مباشر ، وكلَّفهم بتكاليف متعددة ، فأنا أقدر عليهم من قدرتي على أبيهم . وهذا الظن من إبليس ليس عِلْماً للغيب ، إنما هو قياس قاس ذرية آدم على أبيهم ، فإذا كان آدم هو المخلوق الأول الذي خلقه الله بيده ، وأسجد له ملائكته وكلَّفه مباشرة ولم يُكلِّفه إلا بأمر واحد ، ومع ذلك قدرْت عليه فأنا على ذريته أقدر ، هذا قياس لم يصل إليه إبليس ولايةً ولا كرامةً لذلك سماه ظناً . فلما قدر إبليس على ذرية آدم وأغواهم بالفعل قال : ظني جاء في محله لأنهم بالفعل اتبعوه { وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَٱتَّبَعُوهُ … } [ سبأ : 20 ] ثم يأتي هذا الاستثناء { إِلاَّ فَرِيقاً مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ } [ سبأ : 20 ] فجاء هذا الاستثناء مطابقاً للاستثناء الأول { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } [ الحجر : 40 ] . ثم يقول الحق سبحانه : { وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ لِنَعْلَمَ … } .