Back to subchapter overview

Subchapter (Sura: 34, Ayat: 35-35)

Tafsir: Ḫawāṭir Muḥammad Mutawallī aš-Šaʿrawī

The Arabic texts on this page originate from AlTafsir.com

قلنا إن الدين إنما جاء ليُحدِث توازناً في المجتمع واستطراقاً عقدياً واقتصادياً واجتماعياً ، فمنطق هؤلاء الذين كفروا بالرسل أنهم ليسوا في حاجة إلى هذا كله ، فعندهم المال والأولاد ، وعندهم كل مُتع الحياة . { وَقَالُواْ … } [ سبأ : 35 ] أي : في حيثيات كفرهم { نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } [ سبأ : 35 ] بل أكثر من ذلك يأخذهم غرورهم إلى أن يقولوا : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ سبأ : 35 ] لماذا ؟ يقولون : لأن الله ما كان ليعطينا هذا النعيم في الدنيا ، ويضنّ علينا في الآخرة . لكن نقول لهم : أنتم واهمون ، ففَرْق بين عطاء الألوهية وعطاء الربوبية ، الله تعالى أعطاكم بعطاء الربوبية الذي يشمل الجميع المؤمنَ والكافر ، والطائع والعاصي ، أما عطاء الألوهية فتكليف ، فالله يعطيكم في الدنيا بعطاء الربوبية ، ويعاقبكم في الآخرة بمقتضى الألوهية . وهذه الحيثية منهم : { نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً } [ سبأ : 35 ] حجة عليهم لا لهم ، فمن أين لكم هذا الخير ؟ ثم إن كثرة الأموال كان يجب أنْ تحملكم على نواحي الخير ، وكثرة الأولاد كان ينبغى أنْ تجعلوا منهم عزوة لكم على الحق ، إذن : كفركم بعد هذه النِّعَم دليل على أنكم استخدمتموها في الباطل وفي الظلم والطغيان . وما أشبه قولهم : { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } [ سبأ : 35 ] بقول صاحب الجنة : { وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِن رُّدِدتُّ إِلَىٰ رَبِّي لأَجِدَنَّ خَيْراً مِّنْهَا مُنْقَلَباً } [ الكهف : 36 ] وهذا بَطَر بنعمة الله وغرور بها ، فليس بين الله تعالى وبين أحد من خَلْقه قرابة ولا نسب ، لينعم في الدنيا وينعم في الآخرة بلا عمل ، فهؤلاء فتنتهم المال ، وفتنتهم الذرية لذلك يقول سبحانه محذراً : { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلاَدِكُمْ عَدُوّاً لَّكُمْ فَٱحْذَرُوهُمْ } [ التغابن : 14 ] . والحمد لله أنه قال مِنْ ، فهي تفيد التبعيض ، يعني : ما يزال في بعض الأزواج وفي بعض الأولاد عنصر الخير موجود . ثم يقول الحق سبحانه : { قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ … } .